ماذا أكتب لكم في صباح 2016/8/2؟ هل أكتب عن 1990/8/2؟ عن 26 سنة مرت بسرعة ماراثونية والسنوات لا تمر على النساء إلا على صهوة سلحفاة فكيف إن كانت كل سنة من هذه السنوات تعادل ألف سنة ضوئية؟ ماذا حدث في مثل هذا اليوم؟ صدام غزا الكويت بمفرده، أو هكذا من يتصور من يقرأ مصطلح الغزو الصدامي تتناقله وسائل الإعلام التي تعرض أفلاماً وثائقية لمئات الدبابات تمر بمحاذاة البحر وكأن صدام عبر البحر «على مود» يستنسخ نفسه ثم يقود كل هذه الدبابات ليسجل الغزو باسمه هو المهيب الركن القائد الواحد لا مثيل له... والعياذ بالله. ما علينا من مواصفات الغزو وأصله وفصله فنحن «لن نناسبه» عموماً ويكفينا فخراً وإنجازاً أنه بقي عبر السنوات غزواً، رغم أنف المتآمرين والمتواطئين والعابثين بالمصطلحات والجغرافيا والتاريخ والذين أصروا على استبدال الحالة بالعدوان فجازاهم الله بالعدوان لأنهم لم يتعاونوا على البر والتقوى! الطيبون، الذين عايشوا الأحداث بلحظاتها المأساوية البطيئة هم نفسهم الذين يقفون عاجزين عن تفسير سرعة مرور السنوات على لحظات تتربع في الأذهان وكأنها تحدث الآن دون أن نستوعب كيف حدثت حين يستفزهم غير الطيبين بعبارة «الله يرحم صدام». بين غزو صدام وخلعه أحداث متسارعة حصلت منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وانهيار مبنى التجارة العالمي، ثم انهيار أنظمة عربية بمسمى الربيع العربي، وبعيداً عن المسميات التي خلطت كل شيء تقريباً تختلط الأحداث وتصبح معجزة القرن أن يحتويها ربع قرن لأنها تحتاج قروناً لاستيعابها أو ربما «تطلع لنا قرون» ونحن لم نستوعبها. فعندما نشاهد فيلماً وثائقياً عن الغزو يتحول الى فيلم خيالي في «ذهنيتنا اللامستوعبة» فهو إما يتحدث عن زمن آخر لم نعشه ولم نعايشه أو يتحدث عن كويت أخرى غير التي نعيش فيها.. يقفز السؤال مفجراً السؤال: ما الذي تغير؟ فينفجر السؤال المقابل: وما الذي لم يتغير؟ كل شيء تغير تقريباً، الوجوه والنفوس والمسميات والأسماء ووسائل التواصل وقوائم الأصدقاء والأعداء والأولويات بل حتى الهوامش.. شيء واحد لم يتغير، عبارة واحدة تتكرر، في نفس هذا الصباح من كل سنة على امتداد ربع قرن: «كي لا ننسى» وكأن النسيان من عدمه هو القضية التي باعدت بيننا وبين القضية هذا إن كان قد بقيت لنا قضية! والكويتيون يا عزيزي الذين يعانون من مشكلة مزدوجي الجنسية هم كلهم مزدوجو الذاكرة فهم أسماك أحياناً (ومعروف أن ذاكرة الأسماك مغسولة بالماء أي شيء يمر عليها يغسل فيمسح)، و«بعارين» في أحيان أخرى ومعروف أن الجمل لا ينسى، وفي لحظة سمكية أتساءل: لماذا كتبت لكم ما كتبت أعلاه؟ وفي لحظة «بعيرية» أتذكر ان اليوم/الأمس هو 8/2، وكل عام وأنتم... لا تنسون. reemalmee@
مشاركة :