لعبة الضوء ...والظل - اميمة الخميس

  • 7/20/2013
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

مغادرة الظل والانخراط في لعبة الأضواء والحضور الإعلامي المكثف واستقطاب الأنظار ... خطوة خطرة , ولايحذقها إلا الندرة , فالضوء كما يبرزك ويجعلك حاضرا ومعروفا بامتيازات نجم وصفات خارقة ,فإنه في نفس الوقت أيضا يبرز عيوبك ونقائصك لملايين الأعين والأمزجة والنفسيات ...وللضوء طاقاته المكهربة التي تفتح لك البوابات ..ولكنها في نفس الوقت قد تحرقك . ركوب لعبة الأضواء مغامرة كبرى فهي تشبه امتطاء مارد الأبريق المسخر , الذي تجلس فوق كتفيه بزهو وفخار وقد يقطع بك السبعة بحور, ويأخذك حتى مشارف الأفق , ولكنه في حقيقته مارد نهم شديد الشره, لابد أن يقتات على وقتك وخصوصيتك وأخبارك وتفاصيل حياتك وحياة المقربين حولك ...فاذا لم يجد شيئا يأكله ...التهمك . وهنا تبرز الاشكالية عندما يركب هذه اللعبة من يتصدر المشهد الوعظي من بعض الشخصيات التي استطابت لعبة الأضواء... بهجتها وبريقها ...ولكنها لم تستطع أن تكمل اللعبة إلى النهاية , فعند منعطف خطر ارتج عليها ولم تستطع الاكمال , بل غضبت وهيجت اتباعها وطلبت النزول من اللعبة تحت ذريعة أن (لحوم العلماء مسمومة). تلك الشخصيات لم تتحمل قسوة اللعبة وحاولت أن تتوارى خلف هيبة المنبر وحماية المكانة الوعظية, ولم تقرأ شروط العقد منذ البداية وتفاصيله الدقيقة والقاعدة الفقهية تنص على (أن العقد هو شريعة المتعاقدين) فلعبة الضوء من أبرز شروطها القبول بالجانب السلبي للحضور والبروز المكثف, فكما أن هذا الحضور يجلب لي الجماهيرية والنجومية وملايين الاتباع من البسطاء والعوام التي تصنع مشاعرهم الدينية نجوميتي , فإنه أيضا يجلب بمعيته الأعداء والمتربصين والساخرين ومتتبعي العيوب . وكما أن حضوري المكثف في الفضاء العام وحزمة الآراء التي أطلقها حول المجتمع والسياسة والفن والاقتصاد وغلاء الأسعار وثورة مصر ومرشد الأخوان وحوار الأديان وكل ماهو موجود في (الزنبيل) سيبهر اتباعي البسطاء, ولكنها أيضا حتما سيزعج ويستفز جهات أخرى مناوئة لطروحاتي منها كيانات إعلامية عريقة لها تاريخها وأساليبها ولها أيضا اتباعها والموالون لها وتمتلك صلاتها داخل الفضاء الإعلامي وأوراق ضغطها التي من الممكن أن توظفها ضدي . لعبة الضوء والظل هي لعبة ديمقراطية بامتياز, ومع أول خطوة يخطوها الفرد داخل بقعة الضوء متصديا للشأن العام ستنشر أوراق سيرته وماضيه وتاريخه على حبال الإعلام سواء كانت تلك الأوراق ناصعة أو متسخة ...فالجميع يرضخ للعقد السري غير المكتوب بينه وبين لعبة الضوء . لعبة الضوء هي كرة نارية ملتهبة كما هي تضيء ملامحك فإنها أيضا من الممكن أن تشوهها , لذا على الغالب يلجأ المشاهير إلى مديري أعمال وذوي خبرة في العلاقات العامة , ينظمون ظهورهم ويقننونه بمواقيت مدروسة وبمناسبات وأوضاع تتواءم مع مكانتهم , حيث تخدم حضورهم أو ال Image خاصتهم وتضفي عليه طابع النجومية . لذا عندما أكون حاضرا بكثافة عبر كل نافذة متخيلة سواء عبر وسائل الاتصال الاجتماعي , أوفي برامج الفضائيات الوعظية , وفوق المنابر , وداعما لثورات الربيع العربي , وفي مخيمات اللاجئين السوريين, وفوق الخيل مستعيدا لأمجاد سلاطين الدولة العثمانية, وحيناً مؤججاً للصراع الطائفي , وفي حين آخر زائرا في عاصمة الضباب ... كل هذا الحضور المطبق المكثف حتما سيستفز مارد الشهرة ...ولابد أن يلتفت علي يوما ما ...ويتناوشني ...حتى وإن هددته بأن (لحوم العلماء مسمومة) .

مشاركة :