حذرت مؤسسات حقوقية وإغاثية، في لقاء جمعها مع مندوب الأمم المتحدة، من تفاقم حجم المعاناة في مدينة تعز المحاصرة، وعدد من المحافظات التي يسيطر عليها الانقلابيون، مع ارتفاع عدد القتلى والمصابين الذي تجاوز 860 شخصا من بينهم نساء وأطفال في شهر واحد، إضافة إلى حرمان أكثر من 500 ألف طالب يمني لم يلتحقوا بالدراسة، غالبيتهم من تعز. ودعت المؤسسات الأهلية المجتمع الدولي إلى ضرورة تحويل مسار قوافل الإغاثة التي تقدمها المنظمات الإنسانية والدولة المانحة، وذلك بعد أن تعرض عدد من القوافل في الآونة الأخيرة لعملية سطو من قبل ميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي صالح، وهي قادمة من طريق صنعاء - تعز، مع تقديم مساعدات مالية تصل إلى قرابة 82 مليون دولار شهريا لتأمين المتطلبات الصحية، وقرابة 150 ألف سلة غذائية للأسر المتضررة والنازحة. وفي حين تواصل الميليشيات الانقلابية انتهاكاتها وحصارها المطبق على جميع مداخل مدينة تعز، ما تسبب في كارثة إنسانية، جراء عدم سماحها لدخول المواد الغذائية والدوائية والطبية والإغاثية وجميع المستلزمات لأهالي المدينة، دعت لجنة التهدئة والتواصل بمحافظة تعز، اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إلى النزول الميداني إلى المحافظة للاطلاع عن كثب على ما تعانيه من كارثة إنسانية بسبب الحصار المفروض عليها منذ عام تقريبا من قبل ميليشيات الحوثي وصالح. وقالت لجنة التهدئة في مذكرة سلمتها اللجنة الوطنية في العاصمة المؤقتة عدن، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن «ميليشيات جماعة الحوثي وصالح تمنع دخول أي من الحاجات الضرورية والأساسية سواءً الغذائية أو الطبية أو الوقود وغيرها من المواد التموينية. ناهيك عن الحرب المعلنة على المحافظة منذ 20 مارس (آذار) 2016 التي شردت كثيرا من الأهالي في المدينة وبعض مديريات الريف». وعرضت المؤسسات الحقوقية والإغاثية على مندوب الأمم المتحدة، إحصائيات بالأرقام لإجمالي عدد النازحين وصعوبة توفير أكثر من 25 مركز إيواء، لإسكان قرابة 17 ألف فرد، ونحو 29858 أسرة نازحة، في حين يحتاج 2 مليون من سكان مدينة تعز إلى تأمين مياه الشرب والاستخدام، وفقا لمعايير «أسفر العالمية»، موضحة أن ذلك يحتاج إلى قرابة 685 ألف لتر من مادة الديزل شهريا، ونحو 174 ألف لتر من الوقود. وقامت الميليشيا خلال شهر واحد بتفجير أكثر من 10 منازل بالألغام والعبوات الناسفة في مدينة تعز في «صاله، ومنطقة المكلكل، وحي الجحملية» إضافة إلى تعرض 40 منزلا للهدم جراء القصف العشوائي، وهو ما يعزز المخاوف لدى المؤسسات الأهلية من تنامي هذه الأعمال وزيادة عدد القتلى في الأيام المقبلة. وقال الدكتور عبد الكريم شمسان، رئيس ائتلاف الإغاثة الإنسانية في تعز، لـ«الشرق الأوسط»، إنه حتى الآن ما زالت الإغاثة متقطعة ولا تفي بالغرض المطلوب رغم ما يقوم به عدد من رجال الأعمال من دعم بشكل أو بآخر، موضحا أنه منذ أن أطبق الحوثيون حصارهم على تعز لم ترسل المنظمات الدولية سوى 24 ألف سلة غذائية والنظام الدولي لم يدخل إلى المدينة المحاصرة في تعز سوى بـ15 ألف سلة غذائية، لا تغطي احتياج جميع السكان الذين يتجاوز تعدادهم قرابة 70 ألف أسرة. وأضاف الدكتور شمسان أن عدد القتلى المدنيين جراء استهداف الحوثيين، يختلف من منطقة إلى أخرى، ففي الوازعية، على سبيل المثال، قتل على يد الانقلابيين نحو 127 شخصا من بينهم نساء وأطفال في شهر واحد، وهذه أرقام مخيفة، أن يصل هذا العدد في منطقة واحدة، إضافة إلى بعض الانتهاكات الإنسانية والإصابات جراء إطلاق مقذوفات الهاون وغيرها. وحول لقائهم مع مبعوث الأمم المتحدة، قال الدكتور شمسان إن اللقاء تناول كثيرا من القضايا وآلية تقديم الدعم، «كما عرضنا على المندوب الأممي بالأرقام حجم ما تعرضت له المدينة من تدمير في بنيتها التحتية، ونقص في جميع متطلبات الحياة، إضافة إلى إحصائية عدد القتلى بين المدنيين والمصابين، وعدد المباني التي دمرت نتيجة القصف العشوائي للمدينة من قبل الحوثيين، وارتفاع عدد النازحين»، موضحا أن مندوب الأمم المتحدة وعد بتحسين الأحوال وعرض هذه الرسالة على المنظمات الدولية والمانحين. وقام مندوب الأمم المتحدة خلال تواجده في تعز، التي يزيد عدد سكانها بنحو 3.2 مليون نسمة أي يعادل نحو 600 ألف أسرة، بجولة في قرية صراري التي حررتها المقاومة الشعبية والجيش الوطني مؤخرا، ورصد خلال الجولة بعض الوقائع التي قام بها الحوثيون في هذه القرية من قتل وهدم للمنازل. ودعت المنظمات الإغاثية، بحسب رئيس ائتلاف الإغاثة الإنسانية، الأمم المتحدة في حال إرسال المعونات الغذائية والطبية خلال الأيام المقبلة، إلى أن تسلك طريق عدن - تعز، وليس من طريق صنعاء - تعز، بعد أن استولت عناصر الميليشيا على جميع المواد الإغاثية القادمة من طريق صنعاء وتحويل مسارها إلى محافظات ومدن تتبعهم. وعن الدعم الخارجي من المنظمات الإنسانية، قال الدكتور شمسان إن مركز الملك سلمان للإغاثة، يعد من أول وأبرز المتجاوبين مع الجهات المعنية في تعز، إضافة إلى باقي المدن اليمنية، في تقديم المساعدات الإنسانية بمختلف أشكالها، وإرسال مركز الملك سلمان قرابة 200 ألف سلة غذائية، ومجموعة من الأدوية، وكان مبادرا في كسر الحصار عن صنعاء بعملية إنزال جوي لكميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، وهو ما لم تفعله كثير من الهيئات والمنظمات حول العالم. وقالت لجنة التهدئة في مذكرة سلمتها اللجنة الوطنية في العاصمة المؤقتة عدن، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إن «ميليشيات جماعة الحوثي وصالح تمنع دخول أي من الحاجات الضرورية والأساسية سواءً الغذائية أو الطبية أو الوقود وغيرها من المواد التموينية. ناهيك عن الحرب المعلنة على المحافظة منذ 20 مارس 2016 التي شردت كثيرا من الأهالي في المدينة وبعض مديريات الريف». وأضافت: «لقد تسببت تلك الحرب في قتل وجرح للآلاف من المواطنين بينهم نساء وأطفال. وكذا ما أحدثته من هدم وتفجير لمنازل وبيوت وممتلكات خاصة وعامة إضافة إلى إعاقات دائمة بسبب الحرب والألغام التي تزرعها ميليشيات الحوثي وصالح خصوصا في المناطق التي تنسحب منها». وأوضحت أنه بسبب الحرب التي شنتها الميليشيات الانقلابية على تعز وما تبعها من حصار «أغلقت مستشفيات ومستوصفات ووحدات صحية أبوابها في تعز، وأن هذه المستشفيات اضطرت إلى غلق أبوابها عندما وجدت نفسها غير قادرة على أداء رسالتها الإنسانية نتيجة نفاد ما لديها من علاج ومستلزمات طبية ولم تستطع توفير ما تحتاجه نتيجة الحصار الذي طالت فترته قرابة عام حتى الآن». وشددت لجنة التهدئة في مذكرتها على ضرورة النزول الميداني للجنة الوطنية إلى محافظة تعز، وذلك لكشف هذه الانتهاكات والمعانات الإنسانية التي تعيشها مدينة تعز خاصة.
مشاركة :