الفكاهة من الجوانب المميزة للسلوك الإنساني، أما الضحك فهو التعبير الجسمي أو الفسيولوجي عن هذا الجانب، وقد قال الكاتب الفرنسي رابليه ذات مرة إن الضحك هو الخاصية المميزة للإنسان والفكاهة رسالة اجتماعية المقصود منها إنتاج الضحك أو الابتسام، ومثلها مثل رسالة اجتماعية أخرى تحقق الفكاهة بعض الأهداف أو الوظائف، وتستخدم بعض الأساليب وتكون لها بنيتها الخاصة، ومحتواها المميز لها أيضا، كما أنها تستخدم في مواقف معينة لها طبيعة خاصة. وللفكاهة تاريخها الطويل في الثقافة الإنسانية، وقد اهتم بها فلاسفة بارزون أمثال أفلاطون وأرسطو وكانط وشوبنهور وهوبز وبرجسون، واهتم بها أدباء معروفون أيضا أمثال الجاحظ وبودلير وجورج إليوت وإمبرتو أيكو، وحاول بعض علماء النفس إلقاء الضوء على الأبعاد السيكولوجية للفكاهة والضحك أيضا، وكذلك فعل بعض نقاد الأدب ومن بينهم ميخائيل باختين على سبيل المثال. يشير د. شاكر عبد الحميد في كتابه الفكاهة والضحك رؤية جديدة إلى أنه في السنوات الأخيرة أسس العديد من أندية الضحك في أماكن عدة من العالم، وأصبح بعض شركات الطيران يعين بعض المهرجين، للترويح عن الركاب وإضحاكهم، ومساعدتهم على التغلب على مخاوفهم في أثناء رحلات الطيران الطويلة أو القصيرة، كما ظهرت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسويق بالضحك، وقامت مجموعة من المتخصصين في العلاج الجماعي للانهيار العصبي بتشكيل جوقة للضحك، هدفها مساعدة هؤلاء الأفراد على تجاوز آلامهم النفسية، وقامت هذه الجوقة بتسجيل أسطوانة مدمجة للضحك لأغراض العلاج النفسي، وشهدت مدينة بال السويسرية في عام 1997 أول مؤتمر عالمي مخصص للفكاهة والعلاج النفسي، وظهرت عدة كتب في السنوات الأخيرة، كانت عناوينها الضحك خير دواء والعلاج بالضحك والفكاهة من أجل الشفاء. لقد أصبحت هناك كذلك بعض القنوات الفضائية المخصصة بشكل كامل للضحك، وظهرت مواقع عربية وعالمية على الإنترنت مخصصة للفكاهة والضحك، كما توجد مواقع لرسامي الكاريكاتير وممثلي الكوميديا. يقول أطباء عديدون إن الضحك لا يفيد في مواجهة الضغط النفسي فقط، بل يعمل أيضا على تنشيط الجهاز المناعي، والحد من آثار الشيخوخة، والتقليل من احتمالات الإصابة بالأزمات القلبية، وتحسين الوضع النفسي والجسمي للإنسان بشكل عام، ما يجعله أكثر تفاؤلا وأكثر إقبالاً على العمل، وعلى الحياة بشكل عام.
مشاركة :