عليك سلام الله يا أبا نايف

  • 8/4/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

سيظل مكانك شاغراً في شغاف القلب كما كرسيك اليوم شاغرا في مجلس الشورى.. كم كان الخبر صادماً ومفجعاً فيك يا أبا نايف.. فأنت الإنسان الراقي العالم المؤرخ والشفاف.. الكريم في خلقك.. الكريم في عطائك، الكريم في نبلك، وصفاء روحك.. ما رأيتك الا مشرق الوجه والمحيّا، مبتسماً صافي القلب والضمير.. لم أصدق تلقي الخبر المؤلم برحيلك.. وربما هي النفس المحبة عندما تصدم بفقد الغالي الحبيب، فهي للوهلة الأولى تراوغ بطبعها قبول مثل هذه الفاجعة، فلعل وعسى، ولكن الخبر تواتر، فتوترت الاعصاب والتاع القلب.. أو لعلها تلك الصدمة التي يصاب بها الذهن فيشّله الصمم، فلا يصدق والتي أشار إليها الشاعر ابوتمام بقوله: أَصَمَّ بكَ النَّاعِي وإِنْ كانَ أسمَعا هكذا وجدت نفسي أمام الحقيقة المرة، ففزعت إلى بعض الأصدقاء، أواسيهم، ويواسونني ونتبادل العزاء، والألم معاً.. ولقد كان يوم الصلاة على أبي نايف يوماً مشهوداً، فرغم الحرّ الشديد وسفر كثير من الناس إلا أن المسجد، والمقبرة ضاقا بالمصلين، والمعزين، والناعين، وما ذلك إلا محبة في الفقيد.. فقد كان فقيد وطن وثقافة وفقيد قلوب إذ إن الناس جميعاً على اختلاف ميولهم، ومشاربهم، وتناقض أفكارهم يكادون يجمعون على محبته رحمه الله.. لأنه كان واعياً صادقاً في طرحه، وفي كتاباته، متوازناً عاقلاً لم يتخذ الاستفزاز والاثارة سبيلاً إلى الشهرة، وإنما كان علمياً في نهجه وكتاباته، يتحرى الدقة والصواب في كل ما يكتب.. ولم يسقط في رذيلة المشاغابات التافهة، والرخيصة، التي يمارسها بعض أدعياء الفكر والثقافة.. لذا استمال إليه الناس فأحبوه واحترموه.. وشعروا بالأسى عند غيابه.. ومنذ عرفت الدكتور عبدالله معرفة وثيقة، أصبحنا نتبادل المعارف، ونتطارح المواضيع الثقافية، والتاريخية. وقمنا برحلات متعددة في وادي حنيفة بالدرعية واطرافها حيث أطلعته على بعض المواقع الأثرية والحربية التي لم يطلع عليها أحد، ولم يكتب عنها أحد..! وكذلك آثار الوصيل، والجبيلية مكان مسيلمة ومعركة اليمامة، حيث مقابر الصحابة رضي الله عنهم، وسور الحديقة الذي لا تزال آثاره باقية، وكنت ولا أزال أخشى عليه من الجرف والدمار.. كما جُرفت قرية الجبيلية القديمة كلها ولم يبق إلاّ آثار السور.. وكان رحمه الله مشفقاً على اختفاء هذه الآثار التاريخية بصرف النظر عن اصحابها فهي تظل آثاراً محايدة.. وفي مجلس الشورى كان رحمه الله معتدلاً في طرحه واضحاً في تصوره، بليغاً في خطابه.. وكنا نتحدث في شؤون المجلس، وعلاقته بالمواطنين، والرسالة الوطنية التي يتحمل الأعضاء أمانتها.. ولقد كان رحمه الله مثرياً في نقاشات اللجان.. كان صاحب رأي يميل الى الحكمة، والمعرفة، والتعقّل مع الحماسة والغيرة الوطنية.. فرحم الله أبا نايف فقد كان نجماً ثقافياً هوى في لحظة غفلة، ومن غير شك في أن غيابه خسارة للثقافة والوطن.. فعليك سلام الله وبركاته ومغفرة منه ورضوان، وكل نفس ذائقة الموت، وإنا على فراقك أبا نايف لمحزونون.

مشاركة :