الرقية وكرامة المريض النفسي

  • 8/6/2016
  • 00:00
  • 61
  • 0
  • 0
news-picture

إن من الممارسات الخاطئة للرقاة الشرعيين اليوم على الصعيدين التشخيصي والعلاجي والتي لها الأثر البالغ على صحة المريض النفسية وكرامته على حد سواء، جهلهم المركب بما يسمى بالاضطرابات النفسية الناتجة عن تعاطي مواد نفسية الفعالية وهي عبارة عن: هلاوس وضلالات وشكوك وتوتر وقلق ناتجة عن تعاطي مواد ذات تأثير نفسي وعقلي كالمخدرات والمنشطات، أو ناتجة عن إساءة استخدام العقاقير الدوائية كالمهدئات والمسكنات، كما هو مقرر في الدليل التشخيصي والإحصائي الخامس للاضطرابات النفسية وهو الدليل المعتمد في التشخيص الإكلينيكي لدى العاملين في الخدمات النفسية. إن هذه الاضطرابات النفسية والمتمثلة في جملة من الأعراض العقلية والسلوكية والجسدية، والذي يعنينا في هذا الصدد الأعراض الجسدية منها والتي تكون ظاهرة على جسد المريض، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: نحول الجسم، اصفرار العين، هالات سوداء على العين وشحوب الوجه أو سواده أو اصفراره. والتي تجعل من الراقي الشرعي غير المؤهل علمياً في تشخيص الاضطرابات النفسية بادي الرأي يعمد إلى تشخيص هذه الأعراض على أنها أعراض ناتجة عن العين أو السحر، تنزيلاً منه لأحاديث نبوية شريفة صريحة الدلالة وقطعية الثبوت قد ورد فيها شيء من هذه الأعراض كقوله صلى الله عليه وسلم (مالي أرى أجسام أبناء أخي ضارعة .. استرقوا لهم) الحديث. وقوله (لجارية رأى في وجهها سفعة استرقوا لها فإن بها النظرة .. الحديث. والنظرة العين والسفعة قيل إنها سواد في الوجه وقيل اصفرار. ولكن هذا ليس على إطلاقه لما هو مشاهد وملموس على أرض الواقع. وما ورد في هذه الأحاديث حق ولا ينكره من له أدنى مسكة من إيمان، ولكن هذا الأمر يلتبس على كثير من الرقاة وقد نتج عن هذا التشخيص الخاطئ منهم مشكلة عظيمة وهي الوهم! وهم المريض بأن السبب الرئيس في إدمانه على المخدرات ناتج عن العين أو السحر وهو مما يزيد حالته سوءا وتعقيداً ويجعل العلاج بعد ذلك طويل المدى، لأنه بمثل هذا التشخيص الخاطئ ستضعف إرادته وعزيمته في التوقف عن التعاطي بحجة أنه ممسوس أو مسحور أو معيون. وسيظل يتنقل بين الرقاة ردحاً من الزمن كحيلة نفسية شعورية كانت أم غير شعورية تبرر له الاستمرار على التعاطي دون أن يدور في خلده الذهاب للعيادة النفسية لتلقي العلاج اللازم، وبهذا يكون كالمنبت لا ظهراً أبقى ولا أرضاً قطع. إن ما نعانيه اليوم من تفشي ظاهرة الإدمان بين أوساط الشباب في مجتمعنا والذي أدى بدوره إلى معاناة المريض النفسي وإهدار كرامته بالضرب أو الخنق كوسائل علاجية غير مسؤولة ناتجة عن جهل وتضليل أحلام وسفسطة كما يقول شوقي. لذا فمن الواجب اليوم على علماء النفس توعية الأسرة والممارسين للرقية بهذه الاضطرابات الناتجة عن تعاطي هذه المواد والتي تختصر على أسرة المريض كثيراً من الوقت والجهد في علاج مريضها وحفظ كرامته، وذلك بالتوجه إلى أقرب عيادة نفسية فور ملاحظتها مثل هذه الأعراض الآنفة الذكر على أحد أفراد الأسرة.

مشاركة :