تعمل دول مجلس التعاون الخليجي حاليا على استكمال مقترح إيجاد الأداة المناسبة لاعتماد خطة عمل قصيرة الأجل وإطار شامل وآلية تبادل المعلومات الائتمانية في دول المجلس، إضافة إلى الموافقة على مقترح إنشاء فريق عمل لمراكز المعلومات الائتمانية أو ما يعادلها في دول الخليج بشأن آلية الربط الفني واستخدام الوسط الآمن لنقل المعلومات الائتمانية. حيث أن تطبيق ذلك سيتم من خلال ربط مراكز المعلومات الائتمانية في دول مجلس التعاون بالربط الشبكي بين الحكومات الإلكترونية الخليجية. وكخلفية لبيان أهمية هذا الموضوع نستذكر دراسة تم عرضها على وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد لدول مجلس التعاون الخليجي بينت أنه على الرغم من أن البنوك الخليجية ذات رسملة جيدة بصفة عامة فإنه من الصعب بالنسبة لها أن تتمتع بمحفظة ائتمانية متنوعة بالنظر إلى هيكل وتركيب اقتصاديات هذه الدول المتشابك مما يعرضها إلى مخاطر تتطلب المزيد من التدقيق والفحص الدقيق. وتتمثل النتيجة الرئيسية للدراسة في أن تركيز البنوك على قطاع معين أو فئة معينة يعتبر ذا أهمية بالنسبة للبنوك الخليجية، وإذا كانت قروض البنوك مركزه بدرجة كبيرة على بعض المقترضين أو على قطاع اقتصادي معين، فإن هناك مخاطر كبيرة إذا واجه هؤلاء المقرضون أو هذا القطاع مشاكل. وبينت أن هناك نوعين من التركيزات وهي التركيزات الاقتصادية والتركيز على اسم واحد أو فئة واحدة مثل بعض المقترضين الأفراد الذين يقومون باقتراض قروض ضخمة. وهذا النوع الأخير من التركزات يعتبر ذا أهمية خاصة وذلك أنه في حالة حدوث مشكلة مع فشل أحد المقترضين فإن ذلك سوف يضع البنك في وضع صعب، خاصة أن الدراسة تشير إلى مخاطر المقترضين الذين يحملون اسما واحدا أو مجموعة المقترضين المرتبطين ببعضهم البعض قد يكونوا متواجدين في أكثر من دولة خليجية. كما إن بعض المقترضين الأفراد قد لا يجذبون الانتباه بالنسبة لحجمهم، ولكن عندما نأخذ في الاعتبار ارتباطهم بمقترضين آخرين فإن هذه المجموعات مجتمعة قد تحصل على قروض تمثل نسبة كبيرة من رأسمال البنك. وإذا حدث فشل من جانب مقترض واحد من هذه المجموعة المرتبطة ببعضها، فإن المقترضين الآخرين يواجهون المخاطر لتأثرهم أيضاً. وهكذا فإنه يتم تضخيم الصدمة الأمر الذي قد يؤدي إلى مأزق ومحنة في القطاع المصرفي. وزيادة على ذلك فإن هناك بعض العائلات التي تمتلك نسبة كبيرة في الشركات، ومما يجعل البنوك الخليجية خاضعة لتأثير ليس فقط اعمال الشركات العائلية ولكن الشركات التي تمتلك فيها هذه الشركات العائلية حصص كبيرة. ونحن ندرك جيدا أن البنوك المركزية الخليجية قامت بوضع العديد من الضوابط والإرشادات الملزمة للبنوك بخصوص التركزات الائتمانية سواء من حيث القطاع الاقتصادي أو المقترضين، حيث ساهمت هذه الضوابط والإرشادات في الحد من مخاطر التركزات الائتمانية بشكل كبير. ولكن روابط الملكية بين المقترض الواحد قد لا تكون واضحة من الناحية القانونية في كل الأحوال، وقد تكون منتشرة في أكثر من دولة خليجية لنفس المقترض تحت تسميات مختلفة وجميعها يلجأ للاقتراض من البنوك المحلية. وبالنسبة لنا، فقد نبهنا لهذه القضية مبكرا قبل 8 سنوات أي أثر نشوب الأزمة العالمية عام 2008، وتكشف وجود عملاء خليجيين كثيرين هم عملاء لبنوك في أكثر من دولة خليجية، حيث تسببت تلك الأزمة في إحداث العديد من التداعيات والآثار على عمل البنوك والمؤسسات المالية في دول مجلس التعاون الخليجي. وقد ألحقت الأزمة التي تعرضت لها بعض المؤسسات المالية الخليجية مشاكل عديدة للبنوك الخليجية الأخرى، خاصة أن بعض هذه البنوك قدمت تسهيلات مالية كبيرة لهذه المؤسسات. وقد كان اعتماد البنوك الأساسي في تقديم هذه التسهيلات على الحسابات المالية التي تقدمها تلك المؤسسات للبنوك للحكم على جدارتها الائتمانية، حيث اتضح لاحقا أن هذه الحسابات رغم ما يظهر فيها من مؤشرات إيجابية ليس كافية بحد ذاتها. لذلك، فقد اقترحنا آنذاك أن تقوم البنوك الخليجية بتأسيس جهاز خاص غرضه تكوين قاعدة بيانات موحدة وشاملة ومباشرة (on line) لتجميع المخاطر الائتمانية للمقترضين الخليجيين والتسهيلات الحاصلين عليها من كافة البنوك المحلية والخارجية سواء المباشرة أو غير المباشرة، خاصة أن الكثير من المقترضين في الخليج يقومون بالاقتراض أحيانا باسمهم الشخصي وأحيانا أخرى باسم مؤسساتهم، ولا يتم تجميع كافة هذه البيانات لدى الجهة المقرضة. وبإمكان البنوك الخليجية المشتركة في النظام أن تساهم في توفير الميزانية اللازمة لتأسيسه وتشغيله وفقا للآليات المتفق عليها من قبلها. وتم ولله الحمد أطلاق هذا المشروع بين عدد من الدول الخليجية، حيث إن تطبيق برنامج تبادل المعلومات الائتمانية بين دول الخليج يسهم في تقليل حجم المخاطر التي قد تتعرض لها الأنظمة المالية الخليجية جراء عدم وجود أي تعاون بين دول المجلس في ما يخص المعلومات الائتمانية. ومما لا شك فيه فأننا كمصرفيين خليجيين وعرب نرحب كثيرا بهذه الخطوة المباركة التي أعلن عنها معالي محافظ البنك المركزي العماني ونعتبرها خطوة هامة ورئيسية على طريق تعزيز العمل المصرفي في دولنا الخليجية، وسوف تسهم دون شك في تقوية أشكال التعاون فيما بينها فيما يخص التمويلات الممنوحة للعملاء مما يعزز من كفاءة تشغيل المحافظ التمويلية ويجنبها قدر الإمكان التعثر أو سوء الاستخدام. رئيس اتحاد المصارف العربية سابقا
مشاركة :