العمل البلدي يحتاج مصباح علاء الدين

  • 8/11/2016
  • 00:00
  • 25
  • 0
  • 0
news-picture

اليوم في أغلب رؤيتنا كأننا نخترع العجلة، نجتر العبارات الرنانة، وهذا ما رأيته في أغلب بنود برنامج العمل البلدي، وما أخشاه أننا نضع المواطن أمام أحلام وردية لا يستمتع برؤيتها على أرض الواقع، لأن من يقوم على التنفيذ أصبح مع الوقت والترهل والإهمال واللامبالاة فاقد الفعالية، وهذا ما لمسته من خلال تجربة المسؤولية الاجتماعية. منذ سنوات وكتاب الرأي والناشطون الاجتماعيون يدعون البلديات لممارسة العمل البلدي كما يجب أن يكون، على الأقل بالامكانات المتاحة، والحفاظ على المكتسبات القائمة من تخريب شركات المقاولات والتركيز على الصيانة الوقائية، وكانت وما زالت الدولة تصرف المبالغ الكبيرة على شراء خدمات الصيانة والنظافة من القطاع الخاص، ولكن ما نتائج هذه التجربة؟ وكيف تحولت تلك الخدمات المدفوعة إلى عبث محسوب على الامانات والبلديات؟. سيطرة ثقافة الفكر الرقابي على فكر الجودة والبناء جعلت البلديات ومسؤوليها منغمسين في الرقابة على المحلات وإصدار التراخيص، وهذه أمور، وخاصة الأخيرة، أصبحت اليوم شبه الكترونية، وعلى ضوء ذلك كان من الأجدر أن يتم التركيز على جودة الحياة في الأحياء والشراكة المجتمعية، فهناك فجوة واضحة بين الحي والبلدية، وهذه الفجوة وليدة تراكم سنوات من العمل الحكومي القائم على الأسلوب الأبوي، وهو أن رجل الدولة هو الآمر والناهي الفاعل والآخرين من المجتمع ينتظرون منه أن يتكرم عليهم ويخدمهم، وأصبح الناس أقل تفاعلاً وسلبية، وقلة ممن يؤمنون بالمسؤولية الاجتماعية وأنها واجب وليس تطوعاً يقاومون الإحباط وعدم التجاوب. المهم عندما نتكلم عن الانسنة، وهذا الموضوع تناولناه كثيراً، فإن من أهم ركائزه هو أنسنة المسؤول قبل الناس أو الحي، فليس من الأنسنة ولا حتى الإنسانية في بلد ثري مثل المملكة أن تصبح وتمسي على تلوث بصري من مخلفات المشاريع وطرق مهترئة وأرصفة مكسرة وانارة تحتاج الى صيانة، وليس من الانسنة أن نجعل المواطن عندما يرى عبثاً بيئياً في الحي يراجع أياماً وأياماً وكأنه يتابع معاملة شخصية له، وفي آخر المطاف يشاع عنه بأنه شخص مزعج أو ملقوف، وأخيراً لا يتم اصلاح ما تلف. أعتقد أن هناك خللاً معرفياً في مفهوم العمل البلدي، فنحن ما زلنا في دائرة إصدار التراخيص ولم تخرج البلدية ولا الأمانة من هذه الدائرة الى دائرة أوسع فيها الاستفادة من المجتمع، وأيضاً الإمكانات المتاحة لشركات الصيانة والنظافة والتشغيل فهذه الأخيرة بحد ذاتها كارثة سبق وأن حذرت منها مراراً بأنها شركات ومؤسسات تقوم على استغلال البشر على حساب العمل البلدي وجودته، والخطورة أن تنهار هذه الشركات التي تقوم على العمالة الوافدة والتي لا تصرف حقوقها كما هو في العقود ولا حتى في وقتها.. الخوف أن تصبح هذه العمالة مصدر قلق وتهديد للأمن الاجتماعي وتدميرهم للأحياء التاريخية التي يسكنون فيها وهذا أيضاً على حساب ترحيل الأسر منها، وهي الآن أصبحت عبئا سكانيا على المملكة، حيث تحتضن هذه الشركات عمالة كبيرة في المدن لغرض النظافة والصيانة، ولكنهم في وضع يرثى له، جعلهم يتفرغون للتسول في الأحياء وعند الإشارات ويجمعون العلب الفارغة وبقايا الأثاث ليتولى مشرفوهم بيعها على مصانع صهر الحديد ومشتقاته، ولا تقوم تلك الشركات بواجبها الا بعد شكوى أو نقد من وسيلة إعلام. اليوم وبعد أن تمددت المدن وكبرت الأحياء وأصبح الشق أكبر من الرقعة أعتقد أننا في حاجة الى البحث عن مصباح علاء الدين لعلنا نخرج من أسطورة الحلم الى الواقع التنفيذي لنسعد الناس في أحيائهم ونجعلها أكثر إنسانية.

مشاركة :