بالأمس عرفنا كيف تقلب مزاج الشاب محمد العزام، وارتطمت أحلامه بأمواج عاتية، ليقرر فجأة الهجرة إلى فرنسا، وترك الهندسة وبلاد العرب، والبحث عن هوية جديدة، وجنسية جديدة، وعمل جديد.. حالة قد يمر بها أي (شاب عربي) يتعرض لما تعرض له محمد، عندما حرمه المجتمع من الشعر في طفولته وشبابه وأحبطه مَن حوله، وإن صفق له الجميع بعد دراسة الهندسة.. فيما يُشبه التناقض بين الإبداع والحاجة! التحق الشاب بمعهد مُتخصص لتعلّم اللغة الفرنسية، وبعد ذلك ذهب إلى الجامعة، حيث كانت بانتظاره مُفاجأة جديدة، فقد كان الدرس الأول في الأدب الفرنسي عن معركة بلاط الشهداء (بواتييه)، وكيف كانت الهوية العربية والإسلامية قادمة إلى أوروبا وبلاد ما وراء جبال البرانس بقيادة (عبدالرحمن الغافقي)؟ هذا الدرس شكل صدمة لمحمد؟ وبمثابة (نقطة تحول) أخرى في حياة المُهندس المُهاجر؟! فكَّر ملياً ومر بصراع بين (الحلم الأوربي) والهوية العربية، ليُقرّر من جديد ترك فرنسا والعودة إلى بلاد العرب، للبحث عن هويته ومُستقبله حتى لو انتقده المُنتقدون؟! مدينة (ينبع السعودية) كانت المحطة الخامسة في حياة الشاب, بدأ من جديد في مزاولة الهندسة في إحدى الشركات الخاصة، استمر (ولّعه) بالشعر، وقابل ذلك مزيد من الإحباط، شارك في عدة مسابقات، حاول إقناع الجميع بموهبته التي تعدت (الجدران الإسمنتية) ودراسة الهندسة، ولكن الحظ العاثر وإحباط المجتمع ظلا مُلازمين له ليخسر في كل مرة، سافر من جديد إلى الإمارات وشارك في برنامج (أمير الشعراء) ورغم وصوله إلى المراحل الأخيرة إلا أنه خسر من جديد ..! أمس الأول قابلت المهندس محمد العزام على (جادة عكاظ)، بعد أن تسلَّم جائزة (شاعر عكاظ) اعترافاً بنجاحه وقدرته الشعرية الكبيرة، من أشهر موقع اجتمع فيه (شعراء الجاهلية)، خاض محمد رحلة طويلة وشاقة للوصول إلى هنا، مرّ خلالها بمُنعطفات كادت أن تنهي شاعريته، ومُستقبله الوظيفي، لو استسلم لمُنتقديه من المُحبطين..؟! المُفارقة أن النص الفائز (نشيد الصعاليك) كتبه (قبل سنوات) عندما كان حينها يتعرض لأشد الانتقادات..!. وعلى دروب الخير نلتقي.
مشاركة :