كلما اقترب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية، كلما ازداد التراشق بالاتهامات بين المرشحين، وبعض هذه الاتهامات له أساس من الصحة، وبعضه مجرد فجور بالمخاصمة، وربما يهتم المتابع العربي بهذه الانتخابات أكثر من المتابع الأميركي، رغم حشود المؤيدين لهذا الطرف أو ذاك من الأميركان. واهتمام العرب بنتائج الانتخابات الأميركية، يأتي من توهمهم بأنها قد تُغير من السياسة الأميركية، تجاه القضايا العربية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، وتعلقاً بأمل وضع حد للصراع الدموي والاقتتال في البلدان العربية، والحد من التغول الإسرائيلي على حقوق الشعب الفلسطيني، منذ ما يقارب السبعين عاماً من الزمن. مثلما يعول بعض الواهمين على روسيا، باعتبارها وريثة الاتحاد السوفيتي، للحد من سطوة القطب الواحد الذي ساد منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، متغاضين عن القصف الروسي للمدنيين في سورية، ومحاولتها إعادة اقتسام النفوذ في العالم، ومتغاضين عن علاقتها الوثيقة والنفعية مع إسرائيل. والوعود في كل الانتخابات الرئاسية في أميركا، هي نفس الإشارات الإيجابية الروسية، وإظهار نفسها بالمدافع عن العالم العربي ضد الغلو الأميركي، ورغم كل خيبات الأمل التي يصاب بها العرب بعد فوز رئيس أميركي جديد، وتتبدد أحلامهم بتغير الواقع، إلا أنهم ما زالوا يتابعون بشغف الانتخابات الأميركية، فكل رئيس أثناء حملته الانتخابية، يحيي آمال الشعوب العربية بانفراجات قريبة، وكأن الأمر متعلق بشخص المرشح الذي يفوز، ويبني العرب آمالهم على الوعود التي يطلقها هؤلاء، حول السلام بالشرق الأوسط، والقضاء على الجماعات الإرهابية. فالديموقراطية البرجوازية المنقوصة في الولايات المتحدة، هي ليست ديموقراطية عادلة وكاملة، بل هي ديموقراطية تحمي مصالح الرأسمال، ولا تهتم بمصالح شعبها أو الشعوب الأخرى، فمن يدير السياسة حقاً، هم أصحاب الشركات والمجمعات الصناعية الضخمة. ويبدو الهلع على أشده من قدوم الملياردير ترامب، بسبب عنصريته وتنديده بالعرب والمهاجرين، لكن من يتابع خطاباته الشعبوية، التي تشد جمهوراً أميركياً يبحث عن حلول لأزماته، وهو يعرف بطبيعة السياسة الخارجية الأميركية، يدرك أن حظه بالفوز معدوم، فقرار فوز أي رئيس هو ليس بيد الشعب الأميركي، بل بيد نفر قليل متنفذ يتخذ قرار اختيار ممثلهم الرئاسي، مثلما تختار عصابات المافيا زعيمهم. osbohatw@gmail.com
مشاركة :