هذا السؤال يتبادر لذهن كل شخص يراقب التطور السياسي بالبلد. لماذا يفشل المجلس باستمرار ويعجز عن العبور إلى مدته الدستورية؟ الجواب عن هذا الأمر مرهون بأهمية العملية الديموقراطية في حياة الناس ونسبة تأثيرهم في حركة البلد. بصورة أخرى إلى أي مدى يمارس الشعب النظام الديموقراطي وقادر على أن يحدد مصيره هو بنفسه فعلياً وعملياً؟... الإجابة عن هذا السؤال هي التي تعكس لنا السبب وراء استمرارية الفشل في العمل السياسي الكويتي واقتناع الناس بأنهم مهما فعلوا فسيظلون قاصرين عن التأثير بالدرجة الصحيحة. لو حاولنا تبسيط المسألة وقسمنا القرار السياسي بشكل نسبي لوجدنا أن الديموقراطية تكاد تكون مستحيلة التطبيق كما عليه الغرب، فلو قُلنا إن الديموقراطية هي ممارسة المواطن لحقه «النسبي» في الحكم، لرأينا أن الإنسان الكويتي في الحقيقة لا يعمل شيئاً ولا دور له باستثناء مناورة هامشية للغاية. فالمدخل الأول للجواب عن هذه النقطة يكمن في الموازنة التي وضعها الدستور لينظّم العمل والعلاقات بين الحاكم والمحكوم وبين علاقات المجتمع الكويتي. من هنا نقول إن الحكومة تتفوق على الشعب في تقرير مصير البلد والناس، وتحدد لهم نوعية اللجان والأولويات والبرامج التشريعية. طبعاً هذا كُله لو أحسنا الظن وفي حال مارست الحكومة صلاحياتها الدستورية من دون العبث السياسي. بذلك يصفى للأمة ثلثا القرار التشريعي الذي هي بذاته يتألف من أربع قوائم رئيسية: حضر وقبائل وإسلاميون وشيعة. هذه القوائم العامة مختلفة في داخلها وتعاني هي بنفسها الانشقاقات وخروقات تجعل من قول الدستور «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور» (مادة 6) كلاماً خالياً من مضمونه ويستحيل تطبيقه. وما يزيد هذا التشرذم الممارسة الشعبية المشوهة للنظام الديموقراطي. أضرب لك مثلاً على هذا التشويه للديموقراطية ما قاله حمدان العازمي بجلسة الأربعاء الماضي «عندما تكون هناك قبيلة يتعدى عددها 240 ألفاً ولا يتم اختيار وزير منها، فذلك يعني أن الأمر مقصود!» تخيل أن هذا نائب ويجهل الممارسة الديموقراطية وأنها لا تُحسب بعدد أفراد القبيلة بل بعدد أفراد المنتمين للمدرسة والفكر السياسي (على اختلاف انتماءاتهم العرقية والمذهبية والثقافية). فكيف ببقية الناس البعيدين عن العمل السياسي؟! على العموم، الممارسة الديموقراطية لا يمكن لها أن تنجح في مناطقنا بسبب إيماننا العميق والراسخ بأهمية الخلفيات المذهبية والعرقية، وهو خلاف مبدئي ونقيض لمعنى حكم الناس لأنفسهم! hasabba@
مشاركة :