المطلوب هو...! - مقالات

  • 8/14/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كلنا يعلم أن عقل الإنسان عبارة عن عقلين، عقل فطري وهبه الله إيانا، وهو عبارة عن مبادئ أولية بديهية وإمكانات زوّدنا بها الله - عز وجل - وهي متساوية لدى المجتمعات، لكنها متفاوتة لدى أفراد الناس. أما العقل الثاني: على ما يراه علماء الإنسان فهو الثقافة، أي مجموع العقائد والأفكار والأخلاق والعادات والنظم السائدة في بيئة معينة، أي أسلوب ومنهج عيش الناس في مجتمع ما، وطريقة رؤيتهم للحياة والأحياء. ولكل إنسان عقلية تميزه عن مثيله، وهي ما يملكه الشخص من تعريفات ومصطلحات ومبادئ وخرائط ذهنية تشكل تضاريس وطرائق تفكيره ومنظوره للأشياء والأحداث. ولتحدي عقبات وأزمات الحياة، مطلوب منّا جميعاً أن نطّور ثقافتنا لتتواءم وتتوافق فيها الأصول والثوابت مع الأفكار الإبداعية المعاصرة الجديدة، كذلك علينا أن نتفحص العقلية السائدة لدينا من أجل غربلتها وتنقيتها من المفاهيم والانطباعات والخرائط الذهنية البالية والتالفة والجامدة، حيث إن الكثير منا لا يفهم زمانه بفرصه وتحدياته فيكون مرشحا وخاضعا لشرور الحياة وسلبياتها. لذا علينا تجديد عقولنا وعقلياتنا باستمرار عن طريق فكرة التعلم المستمر أو مدى الحياة، سابقا كانوا ينظرون لهذه الفكرة على أنها من باب الترف المعرفي، وذلك لأن معظم الناس كانوا أميين، ومن كان يحصل على أدنى قدر من المعرفة المنهجية يشعر بالتميز في مجتمعه، كما أن الناس في الماضي كانوا يشعرون أن ما تلقوه من معرفة خلال التعليم الرسمي كافٍ لنجاحهم في أعمالهم ووظائفهم، إذ إن كل شيء كان بسيطاً، والمهمات الوظيفية كانت تقليدية جداً وجامدة إلى حد بعيد، كذلك الحافز للاستمرار في التعلم كان شبه معدوم. أما في الوقت الحاضر وتحديدا في منتصف القرن الماضي بعدما استخدمت منظمة اليونيسكو مصطلح «التعلم مدى الحياة» على أنه وسيلة لربط مراحل التعليم النظامي مع التعليم غير النظامي، حصل تطور هائل في ممارسة التعلم مدى الحياة بسبب توافر التعليم عن بُعد وانتشار مفهوم التدريب على رأس العمل، كما أن اشتعال المنافسة الاقتصادية على مستوى العالم يتطلب من كل موظف اكتساب مهارات جديدة من أجل المزيد من اللياقة في أداء الأعمال. نحن نحتاج إلى الاستمرار في التعلم مدى الحياة لعدة أهداف، حيث إن الاستمرار في اكتساب المعرفة يعزز من ثقة الشخص بنفسه، ويمنحه نوعاً من الشعور بالتفوق على نفسه وغيره، كما أن التكيف مع الحياة الاجتماعية وما تتطلبه من لطف وتجمل وفهم لمشاعر الآخرين... يجعل المرء محتاجاً إلى التعلم الدائم، إن انتشار فكرة ومفهوم التعلم مدى الحياة صار من المؤشرات الدالة على تقدم المجتمع وتخلفه، وهنا ينشأ التمايز بين المجتمعات حيث من صار التعلم المستمر جزءاً من ثقافته وعادة من عاداته اليومية تراه في شغف دائم للمعرفة والتعلم، وهذا هو المطلوب. m.alwohib@gmail.com ‏mona_alwohaib@

مشاركة :