أكد مدير إدارة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة، فارس العنزي، أن بعض القوانين والتشريعات في الكويت أصبحت عائقا ومقيدة، بدلا من أن يكون هدفها التقنين، خاصة ما يتعلق بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن هناك قوانين موجودة منذ 50 عاماً، ولاتتناسب مع حاضرنا، لافتا إلى أن التعليم غير جاهز لتأهيل المواطنين لسوق العمل. وبيّن العنزي أن برنامج إعادة الهيكلة يقدم أعلى دعم للمواطن الذي يعمل في القطاع الخاص أو العمل الحر على مستوى العالم. وذكر أن جميع دول العالم تجد بها نسبة العمالة الوطنية في «الخاص» أكثر من «الحكومي»، إلا في الكويت ودول الخليج، موضحاً أن الحل الوحيد في تغيير قناعة المواطن وثقافته في الاعتماد على الحكومة هي إشراكه في العمل. وأشار إلى أن إدارة المشاريع الصغيرة تسعى لتكوين أصحاب مشاريع جادة في بناء الاقتصاد الوطني، ويملكون الريادة في المشاريع. «الجريدة» التقت العنزي، وكانت تفاصيل اللقاء كالتالي: • حدثنا عن إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة في برنامج إعادة الهيكلة وأهدافها. - إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة لها أهداف ورسالة ورؤى وكذلك أنشطة، رؤيتنا الاستراتيجية تتمثل في الريادة في المشروعات الصغيرة والمتوسطة والحرص على تكوين أصحاب مشاريع جادة في بناء الاقتصاد الوطني، إضافة الى أننا أفضل جهة حكومية يلجأ اليها المبادرون في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومن أهم النقاط التي نرتكز عليها تقديم خدمات غير تمويلية لدعم المهتمين والحريصين على العمل في المشاريع الصغيرة، ورسالتنا تكمن في إيجاد حلول إبداعية لتمكين الشباب من العمل الحر، وإدارة المشاريع الصغيرة أول إدارة مهتمة بالمشاريع الصغيرة في الجهاز الحكومي وقبل إنشاء الادارة لم تكن هناك أي إلتفاف لهذه المشاريع، وكان الاجتهاد في بعض الشركات من جانب التمويل فقط، ولكن المشكلة ليست في التمويل، بالعكس فهو يعد آخر نقطة في الخوض بالعمل الحر، انما في البداية لابد من خلق جيل واع وشبابي لديه القدرة والرغبة على بناء اقتصاد وطني أفضل. 4 زوايا • ما أهمية المشروعات الصغيرة لأي دولة في العالم بشكل عام والكويت بشكل خاص؟ - أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تأتي من 4 زوايا رئيسة، أولا هي أهم مورد لأي اقتصاد وطني، وهو المحرك الأساسي للدول، وإن لم يكن لديك اقتصاد قوي فأنت من الدول المنسية، لذلك هي الحل السحري، وأقوى الدول في الاقتصاد الآن تعتمد على أكثر من 90 بالمئة على المشاريع الصغيرة وتنوعها مثال الولايات المتحدة واليابان وغيرها، كذلك هي أهم مورد لخلق فرص عمل، حيث إننا نعاني فجوة من هذا الجانب، لكونها مظهرا من مظاهر الاقتصاد، وزيادة البطالة تنبئ عن قلة فرص العمل، وهذا الأمر يعد في غاية الخطورة، ومع الأسف من أسباب زيادة البطالة ايضا لدينا سوق العمل لا يتناسب مع مخرجات التعليم، وهي أشبه بكرة ثلج، خصوصا أن هناك أعدادا هائلة من الخريجين في كل عام، وإذا استمرت البطالة في الزيادة فإنها تخلق جيلا مليئا بالقنابل الموقوتة، وما يحدث في الوطن العربي من ثورات كان نتيجة زيادة البطالة، ولابد على أي دولة أن تحل أزمة البطالة سريعا، لأنه لا يوجد مجال للتراخي، لأن الشباب أرض خصبة للانجراف لأي مجال ممكن يضر بالدولة، والحل يكمن في توفير فرص العمل، ولكن في الكويت نعاني خللا، بحيث إن 90 بالمئة يعملون في القطاع الحكومي نظير 10 في "الخاص" والعمل الحر، وهذا نتج عنه ما يسمى بالبطالة المقنعة في القطاع الحكومي، وبوضع ساعات عمل وجهاز للبصمة والاعتماد على حلول غير موفقة، بينما يجب قياس العمل بالإنتاجية لا بالحضور. لذلك الفجوة غير طبيعية بين القطاعين ولا توجد دولة بالعالم يتجاوز فيها عدد موظفي القطاع الحكومي أعداد القطاع الخاص إلا في الكويت وبعض دول الخليج. دورات تدريب ولكي نشجع العمل في القطاع الخاص بدأت الكويت منذ 2004 بإعطاء أكبر دعم في العالم للمواطن الذي يعمل في القطاع الخاص، إضافة الى تكثيف دورات تدريب وبرامج وعملية صرف تصل الى 450 مليونا لدعم العمالة الوطنية سنويا، ومع ذلك مع الأسف قفزت نسبة المواطنين في القطاع الخاص من 2 الى 7 بالمئة فقط، وهذا لا يمس حجم الطموح، وأعتقد أن السبب الأكبر لهذه النسبة المتدنية هو عدم القناعة بالقطاع الخاص لعدم استقراره، ومن الصعب إلزام الحكومة بتوظيف الجميع أو القطاع الخاص، ولكن من السهل خلق العمل الحر الذي يخلق بدوره فرص عمل من خلاله، كذلك من أهم مميزات العمل الحر خلق جيل منتج وتغيير ثقافة الاستهلاك لدى المواطنين، ونحن نعاني مشكلة في ثقافة الاستهلاك، والاعتماد على الحكومة رقم واحد، والحكومة لديها خلل في إدارة مواردها، وليس من المضمون الآن إيجاد وظيفة حكومية كما ذكر بعض القياديين، وهناك أكثر من 20 ألف مواطن ينتظرون التوظيف. وفي السنوات الأخيرة تعبت الحكومة كثيرا في تغيير ثقافة المواطنين من خلال الجهات الحكومية، ولكن لم تصل الى الرقم المطلوب، ولكن لدي قناعة بأن الحل الوحيد هو إشراك المواطن في العمل الحر، وخلال 5 سنوات ستجد ثقافة الشعب المنتج في الكويت، وسيعود جيل الآباء والأجداد، وليس كافيا أن أعطيه تعليما أو تمويلا من دون إشراكه في ساحة العمل ويتحمل مسؤولية عمله، والأجمل في العمل الحر أنه لا يعتمد على شهادة، إنما على قدرات الشخص وشخصيته. دور مكمل • ما دور الإدارة للمبادرين في المشاريع الصغيرة والبرامج والخدمات التي تقدمها؟ - دور إدارة المشاريع الصغيرة دور مكمل في اتخاذ القرار وتسهيل سوق العمل للمبادر وإشراكه، ولكن غير تمويلي، وبالرغم من أهمية التمويل فإنه لا يأتي في المرتبة الأولى وما الفائدة إذا وجد التمويل دون الفكرة والدراسة والتأهيل للمشروع؟، حيث إنه من الصعب إعطاء الشاب تمويلا من دون تأهيله ليجد نفسه أمام فطاحل في سوق العمل، فمن الطبيعي أنه سيخسر، وبالتالي تقوم الإدارة بإعطاء دورات تدريب وبرامح في إدارة المشروع، وأهمها دراسة جدوى للمشروع وكيفية ولوج الأفكار للمشاريع، الى جانب الدورات المالية والتسويقية والإعلامية للمشروع، فضلا عن كيفية صناعة علامة تجارية للمشروع، وهذه جميعها عوامل مؤثرة لنجاح المشروع، كما أن الإدارة وقعت في آخر فترة مع الجمعيات التعاونية مذكرة تفاهم لتسويق المشاريع، لأن الجمعيات أكبر منفذ تسويقي وترويجي للمشاريع. بنك الأفكار والمشاريع الصغيرة تأتي على نوعين إما منتج او خدمة، وكذلك من الخدمات لدينا ما يسمى ببنك الأفكار الذي يعطي أفكارا متعددة لمن أراد الدخول في المشاريع الصغيرة، إضافة الى خدمة حديثة، وسيتم طرحها خلال أيام وهي دليل الفرص التجارية، وفكرتها أتت من خلال زيارات لمعارض خارجية في دول مثل تركيا والصين وتايوان وهونغ كونغ ودبي، بحيث تجتمع شركات تبيع منتجات تحتاج إلى وكيل لتوزيع هذه المنتجات في الشرق الأوسط، وبناء عليه نأخذ نسخة من أوراق الشركات والمنتجات ونعرضها على المبادرين، ومن لديه رخصة وجاد، إضافة الى أنه يملك خبرة ومستعد لأخذ الوكالة في الكويت. ولدينا مشروع التاجر الصغير لطلبة المدارس في المرحلتين المتوسطة والثانوية، بحيث يتم اختيار مجموعة من الطلبة من جميع المدارس، ويتم إعطاؤهم دورة تدريب على كيفية إدارة المشاريع الصغيرة، ويقومون بعمل مشاريعهم الخاصة وعمل شركات وهمية، ومن ثم عمل مسابقة وتكريم الفائزين منهم، حيث إن هذا العام تمت إقامة التاجر الصغير للمرة الثانية، ولدينا ما يقارب 650 مشروعا، وهذه العملية نقوم بها لتحفيز الطلبة، وحتى نتلاحق على الجيل القادم من تأسيس مستقبلهم، ووجدنا مشاريع إبداعية تؤهلهم لأخذ براءة اختراع، الأمر الذي جعلنا نفكر في وضع منهج، وهناك خطوة جادة مع وزارة التربية لوضع منهج في ريادة الأعمال، على غرار الدول المتقدمة، وهذ الأمر ساهم كثيرا في تطوير سنغافورة، رغم أنها لا تملك أي ثروات، لكنها الآن من أكبر الدول اقتصاديا. نقص المعلومات • حدثنا عن فوائد العيادة الاستشارية التي تقدمونها للمبادرين في إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة. - هناك 80 بالمئة من المشاريع تفشل، والسبب نقص معلومات أصحاب المشاريع، ونقص في المهارات لإدارة المشاريع، إضافة الى فقر في طبيعة الإجراءات، لذلك أطلقنا ما يسمى بالعيادة الاستشارية، وهي تقام كل ثلاثاء لاستقبال المبادرين وتوجيههم وتقديم الاستشارات فيي جميع الجوانب الخاصة بمشاريعهم، حتى يقوموا بتنفيذ مشاريعهم بشكل صحيح، والشباب لديهم الرغبة والإصرار، ولكنهم يحتاجون إلى توجيه صحيح، وهناك موظفون في الجهات الأخرى لا يخلصون في إعطاء المعلومات بشكل صحيح، لذلك نحن نكمل هذا الدور والآن وصلنا الى 900 مبادر قاموا بزيارة العيادة. صقل المهارات • هناك تخوف من القطاع الخاص، فكيف تجذبون المواطنين للعمل به، خصوصاً أن هناك نظرة بأنه قطاع غير مستقر؟ - متفق مع نقطة القطاع الخاص غير مستقر، ولكن من يملك قدرات وإنتاجية ومجتهد بالعمل سيفرض نفسه، وهذا ما يريده القطاع الخاص، والطرفان لديهم نظرات مختلفة، والتعليم لم يساعد في صقل مهارات العمل، كما أنه ليس جاهزا لتأهيل كويتيين في سوق العمل، لذلك يأتي الدور المهم للتدريب لتغطية الخلل الذي أوجده التعليم لدينا، كما أن التدريب ليس بالشكل المطلوب، فأصبح هناك ما يسمى بدكاكين التدريب، ويحتاج إلى تنظيم حتى نجد تطورا سريعا في العمل الحر، ومن وجهة نظرنا فنجد أن العمل الحر أضمن وظيفة وأكثر استقرارا وأمانا، والعمل المكتبي لا يعلم إنما يزيد بالجهل والتراخي، عناصر نجاح أي مشروع في العالم أربعة، أولا فكرة مبتكرة، ثانياً سوق واعد والسوق الكويتي من اكبر الاسواق الاستهلاكية الواعدة، ثالثا إيجاد فريق عمل، رابعا شخصية صاحب المشروع، وهي من أهم النقاط. سر التقدم • كونك مدرباً في التنمية البشرية، كيف تجد مستوى التنمية البشرية في الكويت؟ - لا شك في أن أهميتها بالغة، وهي المصدر الأول وسر تقدم أي دولة، والكويت تزخر بأفرادها المتطورين والمتعلمين، ونسبة الأمية لا تكاد تذكر، وجميع هذه المظاهر تعكس الثقافة والتنمية البشرية، ولدينا شباب واعد قادر على الدخول والتفوق في أي مجال، ولكن يحتاج الى توجيه، وإذا أردت أن تضرب مثالا فسنجد سنغافورة دولة لا تملك سوى التعليم والتدريب، وهي أسرع طريقة للإصلاح والتنمية، والتدريب يضيف معلومة أو مهارة او قيمة، ولكن الأهم تحويل ذلك الى سلوك، الشباب الكويتي طموح، ولديهم أفكار والإصرار والقدرة طالما كانوا راغبين في الدخول في المشاريع الصغيرة، وهذه أول نقطة يجب أن يملكها صاحب المبادرة، وهم متفوقون وسباقون دائما على مستوى الخليج، أما إذا كان مترددا فعقبة النجاح التردد، وطالما كان عازما ولديه دراسة وتصورات فسينجح، ولابد أن يمر بمخاطر كي يحقق هذا النجاح والدخول في عالم المشاريع، ولكنهم مقيدون بسبب بعض القوانين والتشريعات. حدد مسارك مع مستشارك قال فارس العنزي إن إدارة المشروعات الصغيرة تقدم استشارات لأصحاب المبادرات والمشاريع كل يوم ثلاثاء من الساعة 10 صباحا وحتى الـ 12 ظهرا، لمقابلة مدير إدارة المشروعات وجها لوجه، يتم من خلالها مناقشة أهم النقاط بالمشاريع المقدمة، حيث أخذت العيادة شعارا جميلا من خلال تحديد مشار المشروع عبر المستشار بـ «حدد مسارك مع مستشارك»، وذكر أن عدد المستفيدين من العيادة الاستشارية بلغ 389 مستفيدا وهناك 500 آخرون استفادوا من الاستشارات من خلال ورشات العمل الذي يقيمها مدربون متخصصون في مجال المشروعات الصغيرة. وذكر العنزي أن الفجوة التي يعانيها البلد من تدني مستوى التعليم يجب أن يعوضها مجال التدريب، قائلا «ولكن مع الأسف أصبح لدينا ما يسمى بدكاكين التدريب ولا ترتقي للمستوى المطلوب». البطالة سبب في «الثورات العربية» أرجح العنزي السبب وراء ما سمي بالربيع العربي هو البطالة وعدم توافر الفرص الوظيفية للمواطنين في الدول العربية التي حصلت بها، وقال إنه كلما ارتفعت نسبة البطالة كان هناك تهديد لأمن البلد أولا، ولابد من معالجته من خلال العمل الحر، وفتح المجال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي هي الحل السحري لحل مشكلة البطالة.
مشاركة :