أخلاق الخلق (2) | سعيد محمد بن زقر

  • 8/14/2016
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تفاعل العديد من القراء مع مقالي (أخلاق الخلق) وطالبوا بتسليط الضوء وطرح مقترحات تساعد على التأثير إيجاباً في سلوك الفرد ، واستجابة لذلك أكتب هذه السطور، مستنداً لنظرة ورؤية اقتصادية قد لا يتفق معها آخرون وظللت أبشر بها وأبثها وأراهن عليها وهي أن للعمل الشريف دوراً وظيفياً في السلوك متى فُعِّل عبر برنامج الضمان الوظيفي كاستثمار في تصويب الفرد وتوجيه أخلاق المجتمع، فللاقتصاد أثره وللحاجة سلبيات تقود لانحرافات أخلاقية وإنتاجية واقتصادية ،وأشرت لعدم ميلي لتأييد الضمان الوظيفي الذى يخلق الاتكالية أو يقتل المبادرة العصامية فإلمامي بنجاحات برامج الضمان الوظيفي التي طبقت بعد الحرب العالمية الثانية، يدفعني لذلك الاستنتاج فهي نهضت بدخل الفرد وصوبت تمايزات الدخول. واقترحت تكوين وظائف من برامج الضمان الوظيفي ذات طبيعة اجتماعية غير ربحية كرعاية المسنين والأيتام والبيئة وجمعيات خيرية تستهدف الحد من الفقر لتصبح وسيلة لاكتساب الخلق القويم على أن تكون لامركزية لأن الإدارات المحلية بالمملكة ملمة بنوع البرامج ومتطلبات مجتمعها المحلي وتدرك كيف تفعِّل طاقات كل مواطن جاهز وراغب وقادر على العمل بأجر يتراوح بين ستة إلى تسعة آلاف ريال لفترة عمل بحدود عامين ويتكفل القطاع العام بتمويلها باعتبار العمل الشريف وسيلة كلفتها أقل من تكلفة الظواهر التي تسببها البطالة وهي استثمار في تنمية الموارد البشرية ولأنه من عوامل التمايز بين المتقدمين لوظائف القطاع الخاص المهارات حيث يتم الربط بين سلوك الفرد وسيرته العملية فالانضمام للعمل الاجتماعي أو بدء حياة عملية فيه، يؤشر لتوجهات العامل ولهذا مهما تطابقت سيرة المتقدمين فإن الخبرة في برامج الضمان تفضل لدى مديري الموارد البشرية لأن صاحبها محب للخير ويؤثر الآخرين على نفسه بينما العاطل مهما كانت خبرته فإنها تتآكل مع الزمن، فالعمل بوظائف الضمان تخلق نوعاً من الصلة بين سلوك الفرد وحصوله على وظائف القطاع الخاص، ومهما يكن فإن هذه البرامج أصابت ووسعت قاعدة اقتصاديات العالم من نيوزيلندا شرقا إلى الأرجنتين غربا وفي دول متقدمة وبأفريقيا. أما لماذا لم تطبق بصورة أوسع فلأنها تتناقض مع الأيدولوجية النيوليبرالية التي تسعى لتحرير الأسواق وتقليص القطاع العام عبر الخصخصة المتوحشة التي طبقتها تاتشر وريغان وحققت عكس مقاصدها ومن ثمارها تكديس الثراء وتقليص الطبقة الوسطى وخلق أزمات اقتصادية عالمية ومع ذلك تعمل لصالح ملاك الأصول والمصارف بينما برامج الضمان الوظيفي تسعي لخدمة الطبقة الوسطى والحد من فقر الإنسان على يد الإنسان، ومن بعض ملاك الأصول ممن يسعون تحت شعارات الخصخصة للصيت والسلطة للتأثير في صناع القرار لإعادة تعريف المواطن ليصبح من يملك مواطناً كاملاً ومن يكون فقيراً فاشلاً ،ولا يلوم إلا نفسه ..ولكن بهذا تتغذى الإثرة والأنانية وحب الذات والانحرافات السلوكية لأن هذا التوجه يغيب محركات الفقر ويتجاهل السياسات التي عمقته، فمن أخلاق الخلق أن لا نتخلى عن الفقير ونلقي به في اليم مكتوفاً ونقول له إياك إياك أن تبتل بالماء.

مشاركة :