مما لا غبار عليه، أن العمل الخيري صورة مشرفة للإنسان وللمجتمع الذي يزدهر فيه هذا النوع من الأنشطة، لكن الأمر عندنا بحاجة لوقفة! فمن بين القوانين التي ينظر فيها مجلس الأمة، قانون الجمعيات الخيرية والتطوعية، وهي إحدى الصور الجميلة للشعب الكويتي. فقد استطاعت الكويت على مدار سنين طويلة لهذا العمل الجميل أن تكسب ود الشرق والغرب والداخل والخارج. وقد يكون المرحوم عبدالرحمن السميط والمرحوم حسن حبيب السلمان، من بين الأشهر في مجال العمل الإنساني الخيري الكويتي. فهما بحق كانا عوناً للمعوزين والفقراء ونبراساً ومثالاً يُحتذى به لكل من أراد وجه ورضا الله سبحانه وتعالى. لكن هذا العمل وهذه القوانين التي شرعها مجلس الأمة لا تأتي دوماً بشبيه ما قام به السميط والسلمان. فهناك جمعيات خيرية لم تحمل من الخير سوى الاسم فقط لا غير مع الأسف. في السنوات الأخيرة زادت أعداد الجمعيات والمبرات الخيرية بحجة المساعدات الانسانية، الا انها في الحقيقة انحرفت عن مسارها الذي تأسست لأجله وكانت بدلاً عن ذلك صناديق استثمارية للجماعات الارهابية. طبعاً لا نقول كل المبرات والجمعيات، بل قسم كبير منها مارس هذا العمل وخصوصاً في السنوات الخمس الاخيرة حينما تلاقت السياسة مع الدين والطائفية، فاختلط الخير بالشر بالأيديولوجية، فصار العمل فوضوياً بامتياز ومصداقاً لمقولة علي بن أبي طالب عليه السلام «كلمة حق يُراد بها باطل». قد يقول قائل بأن هذه تهمة مردود عليها وأن العمل الخيري مشهود له بالكويت منذ عشرات السنين. أعيد وأكرر بأن العمل الخيري كان ممتازاً خصوصاً إبان فترة السبعينات، الا أنه انحرف عن صوابه منذ العقود الثلاثة الاخيرة وبالاخص مع اشتعال فتنة الحروب وفي ظل ما عُرف بـ «الربيع العربي». جميعنا يذكر تقارير وزارة الخارجية الأميركية المتكررة التي انتقدت العمل الخيري. كما نذكر جميعا استياء مجلس الامن من تصرفات احدى الجمعيات، وذكروا صراحة أسماء مواطنين يعملون تحت مظلتها ممن تورطوا بتمويل «داعش» والجماعات الارهابية الاخرى عبر تحويلات مالية لاعضاء هذه التنظيمات الارهابية في سورية وتركيا والعراق ولبنان. بل وصل ضغط الغرب ومجلس الأمن لتهديد حكومتنا وتفعيل البند السابع لدفعها إلى إغلاق بعض هذه الجمعيات التي اتُّهِمت بتمويل الارهابيين والعمليات الارهابية وغسيل الاموال. وكما نعلم بالطبع أن هذه الضغوطات جاءت بمفاعيل ايجابية انعكست بالانقلاب الحكومي على الجماعات الاسلامية في الفترة المتأخرة وتضييق الخناق عليها من خلال تشريعات ورقابة متشددة ومنع جمع الاموال. مضافاً لذلك أن هذه الجمعيات «الخيرية» شوهت صورة العمل الانساني بسبب الاتهامات والشبهات المختلفة باختلاس اموال الدولة او التحايل عليها تحت عنوان المستشارين او لجان عمل او تضبيط المناقصات. لذلك لا يمكن ان نلوم الناس حينما يتخوفون من هذه المجاميع التي تتلبس بالدين وتمارس السياسة بأبشع صورها. فاما ان ينزعوا الدين ويصيفوا على شاطئ العراة، أو يتدينوا ويتركوا اللعب الخبيث والطائفي ويتسيسوا بالعباءة الوطنية! hasabba@
مشاركة :