فلسفة أم كلام

  • 2/9/2014
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مع ما بين الفلسفة وعلم الكلام من تداخل واتصال، إلا أن كتاب (القرآن والفلسفة) للدكتور محمد يوسف موسى، مواضيعه وقضاياها ومناقشاته ومحاججاته، هي أقرب إلى علم الكلام من الفلسفة، فالحديث عن ذات الله وصفاته، ومسألة الرؤية والكلام والعدالة الإلهية، والإرادة والحرية والإضلال والهداية، والوعد والوعيد، هذه المواضيع والقضايا هي من صميم علم الكلام، وهذا ما يعرفه الدكتور موسى جيدا. وحتى لو قلنا أن هذه المواضيع والقضايا، هي مواضيع وقضايا مشتركة بين الفلسفة والكلام، وأنها في الفلسفة تعالج بمنهج وطريقة تختلف عن منهج وطريقة علم الكلام، من جهة أن الفلسفة تتخذ من العقل مصدرا ومعيارا وحيدا، بخلاف علم الكلام الذي يتخذ من العقل مصدرا ومعيارا كذلك، لكن بشرط موافقة الشرع وعدم مخالفته. ومن هذه الجهة أيضا، فإن الكتاب هو أقرب إلى علم الكلام من الفلسفة؛ لأنه اعتمد في مناقشة قضاياه على منهج وطريقة الكلام والكلاميين، وليس على منهج وطريقة الفلسفة والفلاسفة، ففي هذه المناقشات رجع الدكتور موسى إلى آراء ومواقف أصحاب المذاهب والفرق الإسلامية، وهذا هو منهج الكلام، وطريقة الكلاميين. ولم يرجع الدكتور موسى في هذه المناقشات إلى آراء ومواقف فلاسفة المسلمين، وسلسلتهم المعروفة، التي تبدأ من الكندي والفارابي وابن سينا وتصل إلى ابن رشد، غياب آراء ومواقف هؤلاء الفلاسفة أعطى ترجيحا لاعتبار أن الكتاب هو أقرب إلى علم الكلام من الفلسفة. يضاف إلى ذلك، أن المؤلف أشار في كتابه إلى تلميحات مستمرة، تربط الكتاب بعلم الكلام ومنهج الكلاميين. وما يلفت الانتباه أيضا إلى هذه الملاحظة، أن الدكتور موسى مع معرفته ودرايته بموضوع بحثه، إلا أنه لم يتطرق إلى ما بين الفلسفة وعلم الكلام ومنهجهما وطريقتهما من فروق وافتراق، وتحدث عنهما كما يتحدث عن منهج واحد، وطريقة واحدة، بلا مائز ولا تمايز. وتشتد هذه الملاحظة وتتأكد عند معرفة أن الكتاب في الأصل هو رسالة دكتوراه دولة في الفلسفة، وأنه يمثل القسم الأول في هذه الرسالة، الذي عادة ما يشتمل على المقدمات والمداخل المنهجية، ويتم فيه الإشارة إلى المنهج المختار والمتبع، فكان من الضروري الإشارة والحديث عما بين الفلسفة وعلم الكلام ومنهجهما وطريقتهما من اتصال وانفصال، حتى يتسم المنهج بصفة الضبط والوضوح والإحكام.

مشاركة :