عباس المعيوف ربما ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي في فتح قنوات لظاهرة الإلحاد بين فئة الشباب والفتيات في حين تغفل الأسرة هذا الجانب الخطير، الإلحاد أصبح منتشراً وقد يرتفع في المستقبل القريب إذا لم نُعِدّ العدة للحوار والمناقشة الهادئة مع الفئة المستهدفة، من الخطأ معالجة هذه الظاهرة بالنبذ و“التبري” والتخويف والترهيب والعزلة الاجتماعية، بل دعونا نعطف عليهم ونرى ما عندهم وبعد ذلك يبدأ الحوار مع أهل الاختصاص، فالبعض وإن كان من ضمن المؤسسة الدينية إلا أنه لا يعرف الأبعاد الاجتماعية التي يخلِّفها الإلحاد، فبمجرد السؤال عن ذات الله والنقد للمقدسات يبدأ التشكيك في شخصية السائل. ويرى السيّد فضل الله أنَّ الإنسان لا يصل إلى الإيمان إلا من خلال العقل «حوار العقل»، حيث يقول: «لا إيمان في عمق الفكر وامتداده دون حوار.. يبدأ في حديث الإنسان مع ذاته في حركة الفكر الداخليّ»، ويرى أن القناعات هي نتاجات الحوار وتجاذباته بين منطق العقل ومنطق العاطفة، لأنّ «الإيمان حركة في العقل وليس فوقه، حتى القضايا الغيبيّة يتمّ رصدها من خلال العقل، ومن ثم تنطلق رحلته نحو المجهول، لأنّ الوجود لابدّ من أن يكون عقلانياً.. فنحن ندرك الله بالعقل، ولكنَّنا لا نملك الوسيلة للبحث في ذات الله»، إذاً «الإنسان مؤمن بما يعقل، وعلى هذا الأساس كان لابدّ من خوض تجربة الشّكّ من أجل الوصول إلى اليقين، وذلك يتطلّب رحلة في عالم الصّراع الفكريّ الداخليّ». عوامل كثيرة دفعت بعضهم للإلحاد، منها الظروف السياسية القاهرة والابتعاث، وغياب القيم الدينية ردة الفعل على بعض الجماعات الدينية المتشددة، المقارنة بين الحضارة الغربية والانصهار فيها وبين الوضع العربي البائس. أنا أعتقد -وإن كانت النسبة ضئيلة- أن هذا لا يعني تبسيط القراءة، ففي ظل الانفتاح العالمي وتقارب الحضارات -إن صح التعبير- أصبح من السهل الغزو الفكري للمجتمعات، وبطبيعة الحال الغلبة لمن يملك المال والإعلام العالمي، الآن بإمكاننا التحاور من الملحدين وكذلك العلمانيين عبر ضغطة زر للسوشيال ميديا. وبالتالي من المهم أن نطرح السؤال التالي: هل الإلحاد تساؤل أم اعتقاد أم شبهة؟ يمكن الإجابة على هذا التساؤل من خلال القراءة التي استند إليها الملحد، ولكن يمكن أن نقول بوجه عام الإلحاد، جوهرياً، هو موقف سلبي. إنه الاعتقاد بعدم وجود إله، أو الاعتقاد بأنه لا يوجد إله، وأي نكهة تُعطى لتعريف الإلحاد، فهو وضع سلبي، إذن بالنتيجة الإلحاد قصور في التفكير وتقصير في البحث يأتي نتيجة شبهة عالقة تتضخم فتكبر دون جواب مقنع، والسبب يعود إلى ضعف البنية الإيمانية للفرد المسلم.
مشاركة :