لكل فرد منا نظرته الخاصة تجاه مجريات الأمور من حوله، تختلف باختلاف زاوية التفكير والمنظور، وكذلك الطبيعة الفيسيولوجية تفرض نفسها في حكمه على الأشياء، فتبدأ أفكار الشخص وقناعاته ومبادئه بالتشكل بناء على هذه المعطيات، وعليه تصرف كل شخص ينم عن تركيبته النفسية العقلية، فلا بد من «اختلاف» بين أفراد المجتمع الواحد الذي ليس بالضرورة أن يكون محل «خِلاف» وتنافر، فالبعض يسعى لتغيير معالم العالم ويضعه هدفا نصب عينيه، ظنا منه بأنه قابل للتحقيق، وقد يغلب على أصحاب مثل هذه الأهداف التأثر بالأفلام الحالمة التي تصور الحياة باللون الوردي الجميل، فيغتر به، بل ويجتهد في تحقيقه باستماتة من خلال السعي وراء تغيير من حوله، ومحاولة إعطاء النصائح والملاحظات والمواعظ، وفي حين انشغاله ما بين هذا وذاك كان بإمكانه أن يكون قدوة ومثالا جيدا يحتذى به، لم ينتبه خلال كل ذلك إلى أنه فقد شيئا مهما جدا، لقد أهمل ذاته حتى باتت مفقودة طي النسيان، لقد غفل عنه أن تغيير العالم يبدأ من نفسه وليس العكس!الحضارات والأمم ترتقي برقي الإنسان وتقدمه، فعندما ينشغل كل بتطوير ذاته وخوض غمار حياته وتجاربه الخاصة والتعامل معها حسب ما يمليه عليه عقله وقلبه، فستظهر له نتيجة مختلفة عما يحصل عليه الآخرون، وإن تقاربت النتائج فأقدارنا حتى وإن تقاطعت عند نقطة معينة فلا بد أن تعود لتفترق من جديد، لذلك لا تحصر نفسك في إطار ضيق لا تنتمي له، لكل شخص أثر مختلف عن الآخر يميزه: نبرة الصوت، التعبيرات، ردود الأفعال والانفعالات، جميعها عوامل مميزة تشكل قدر كل منا. لكل منا قناعات وأفكار وتوجهات نعتز بها، لذلك لا تقبل أن يشكلك الآخرون حتى تناسب معاييرهم الخاصة التي يرونك من خلالها، مدى رضاهم عنك أو تقبلهم لك ليست مشكلتك أنت، بل مشكلتهم هم، خض تجاربك بنفسك، لا بأس عندما تخطئ، ستتعلم، وعندما تنجز ستشعر بلذة الإنجاز المصاحبة للشعور بالفخر لأنك لم تستند على كتف أحد ولم تنتظر يد العون ولم تستحث مشاعر أي منهم دون رغبة منهم. لا بد أن يفهم البعض أن التنوع والاختلاف ضرورتان في المجتمع حتى يصبح دور جميع أفراده تكامليا بعضهم لبعض، وليس الشخص بذاته كاملا، فلا بد من نقص أو قصور في أحد جوانبه الشخصية، لذلك ابحث عمن يشبهك من البداية إن كنت لا تتقبل «الاختلاف»، فلا أحد يتغير بالإكراه.إطلاق الأحكام المسبقة والمتسرعة بالفشل أصبح واقعا نراه ونلمسه كل يوم، لكن أثبِت لهم بـ»الأفعال» أنك على نقيض ظنونهم، تجاوز كل ما يثبط عزائمك وإن استلزم الأمر تخلّ عنه، تمسك بمن يدعمك ويدفعك للأمام وكن دافعا لغيرك. يحدث ذلك عندما نعي أن القمة تتسع للجميع، وحده ضيق الأفق من حصر نفسه في حدود نظرته لنفسه، وسمح لكل عابر أن يرسم جزءا منها، حتى بات لا يعرف من يكون، عندما نعي أنه لدينا متسعا دائما في كل مكان نقصده بفضل اختلافنا وحاجة المجتمع للتنوع، فسنتخلص حينها من نوبات التسرع والهلع المصاحبة لكل تجربة جديدة، وسنفهم جيدا عندما نواجه تحديات على الصعيد الشخصي أو في العمل أنه ليس من الضروري خوض كل سباق عند دخول أي مضمار، بل ربما يكون من الأحرى الوقوف على مدرج المتفرجين حتى نرى المشهد بصورة كاملة وواضحة.أحيانا الضجيج لا ينم إلا عن إناء فارغ، لذلك توقف! توقف عن الرد على كل إساءة! توقف عن المعاملة بالمثل! توقف عن منافسة الآخرين واجعل منافستك عادلة مع نفسك على ما كانت عليه قبل الآن، توقف حالا عن الحسد والبغضاء والتركيز في حياة الآخرين، وابدأ حياة جديدة هادئة ومليئة بحب ذاتك وعائلتك وأصدقائك، اعزل كل ما تكره عن دائرة اهتمامك، وركز على ما تحب وتريد فحسب، ازرع بذور المودة في كل من تواجه، لا تنتظر مقابلا أو جزاء أو شكورا.عندما تتخلص من «محدودية الفكر» فستنعم بجمال الأفق، وستجده يستحق التأمل عند رؤيتك لكل شروق وغروب «جديد» في حياتك، وستدرك حينها حجم «خطئك» عندما حجبت الرؤية بالحواجز التي وضعتها بينك وبين الآخرين، التي حفرت بها «ثقوبا» للمراقبة وتتبع هفواتهم، لكان أجمل حينها لو حولتها إلى «نوافذ» لتستمتع بالإطلالة مع من تحب، كان سيكون أجمل لو فتحت أبواب قلبك للتعاطف اللا مشروط، في زمن أصبحت الإنسانية فيه نادرة، بعد أن حكمتها سطوة هوس الألقاب والطبقية، كن أنت «المبادر» واغمر المجتمع حولك بتواضعك وجميل خصالك.@cyclofeel
مشاركة :