أقرت الولايات المتحدة أمس (الخميس) أنها انتظرت في كانون الثاني (يناير) الماضي إطلاق سراح مواطنيها المعتقلين في إيران حتى تعيد بشكل شبه متزامن 400 مليون دولار نقداً إلى طهران، مؤكدة في الوقت نفسه أن المبلغ لم يكن فدية. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية جون كيربي «بعد ما ساورنا القلق من أن تخلف إيران وعدها حيال إطلاق سراح السجناء (...) ولنكون صادقين، بسبب انعدام الثقة بين إيران والولايات المتحدة، سعينا إلى الحفاظ على أقصى درجات الإمساك بزمام الأمور، إلى حين الإفراج عن الأميركيين». وأضاف أن الأمر «كان أهم أولوياتنا». وفي 16 كانون الثاني (يناير) الماضي، دخل الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الكبرى في 14 تموز (يوليو) 2015 حيز التنفيذ، وبالتالي بدء رفع العقوبات الدولية المفروضة على طهران. وبالتزامن مع ذلك، أعلنت واشنطن وطهران إجراء عملية تبادل معتقلين هي الأولى من نوعها، إذ أفرجت إيران عن أربعة إيرانيين أميركيين وأميركي واحد، بينهم مراسل صحيفة «واشنطن بوست» جايسون رضائيان، في المقابل أصدرت الولايات المتحدة عفواً عن سبعة إيرانيين وسحبت مذكرات توقيف بحق 14 آخرين. وبعد ساعات أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه وافق على إعادة مبلغ 1.7 بليون دولار إلى إيران كان موضوع أحد الاتفاقات التي تلت توقيع الاتفاق التاريخي حول البرنامج النووي الإيراني. وأوضح البيت الأبيض أن هذا المبلغ الذي يعاد إلى إيران يعود إلى صفقة أسلحة لم تنجز وتعود إلى ما قبل انتصار الثورة الإسلامية. وكانت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي التي نظرت في الخلاف الأميركي - الإيراني، أمرت بإعادة هذا المبلغ إلى إيران مقسماً إلى 400 مليون دولار من الديون و1.3 بليون دولار من الفوائد. ولكن صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت في بداية آب (أغسطس) الجاري أن المبلغ كان «فدية» لإطلاق سراح الأميركيين الخمسة. وأوضحت أن جزءاً من الـ 1.7 بليون دولار وضع في صناديق من الخشب، بعملتي اليورو والفرنك السويسري، ونقل سراً إلى إيران في الطائرة في شحنات لم يكشف محتواها. لكن الرئيس الأميركي باراك أوباما أكد حينها أن المبلغ لم يكن فدية مالية. وفي بداية آب الجاري، قالت الخارجية الأميركية إن «المفاوضات في شأن التسوية القضائية لمحكمة لاهاي كانت منفصلة تماماً عن النقاشات حول ترحيل المواطنين الأميركيين». ولكن كيربي أقر أمس بأن المسألتين كانتا «مرتبطتين»، وأضاف أن «الأحداث جرت في وقت واحد (...) عندما تكون قلقاً من نهاية المسألة، وكيف سيخرج الأميركيون، فمن الغباء واللامسؤولية ألا تمسك بزمام الأمور إلى الحد الأقصى»، متابعاً «في حال سألتموني عن وجود صلة في هذا الإطار، لا يمكنني نفي الأمر». وعزز إقرار الإدارة الأميركية مرة جديدة من اندفاعة الجمهوريين الذين عارضوا الاتفاق النووي وأي تقارب بين الولايات المتحدة وإيران. وشن المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب هجوماً في هذا الخصوص على أوباما وهيلاري كلينتون، خلال اجتماع مساء أمس. وقال ترامب «بالحديث عن الأكاذيب، علمنا الآن بعد هذا الإعلان من وزارة الخارجية أن الرئيس أوباما كذب بخصوص 400 مليون دولار نقداً أرسلوا إلى إيران. قال إن المبلغ ليس من أجل الرهائن، ولكن هذا ما حصل. قال إننا لا ندفع فدية، لكنه دفع. كذب في شأن الرهائن، علناً وبشكل فاضح، تماماً مثلما كذب حول قانون أوباماكير» للتأمين الصحي. وشنت حملة ترامب هجوماً على المرشحة الديموقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون. وقال ناطق باسم الحملة إن «وزارة الخارجية أقرت اليوم بدفع فدية بقيمة 400 مليون دولار لتحرير رهائن أميركيين في إيران، وهذا يشير بشكل أكبر إلى دور هيلاري كلينتون في رسم السياسات الكارثية».
مشاركة :