المثقفون من أكثر عباد الله تعنصرا لذواتهم ورؤاهم ومكتسباتهم، مرنون لدرجة تسمح لهم بانعطاف حاد ومفاجئ فى مواقفهم وأفكارهم تبعا لموجات التغيير القادمة او المنتظرة. لعل احتكارهم لمصطلح المثقف لغة واصطلاحا وممارسة فى قواميسهم الحركية والتأثيرية أهم درجات غلوهم وبعدهم عن الواقع. أعرف أن لفظة غلو غريبة على المثقفين ولكنها تؤطركثيرا من رؤاهم التنظيرية وأحكامهم الاقصائية الناعمة للآخرين. المثقف الجديد فى مجتمعنا يبدأ تكوينه من خلال سلسلة من التجارب واللقاءات الودية، فحفلات السمر وجلسات الاستراحات تدفع بكثير من الوجوه الغريبة لتصبح ملاكا لبعض الزوايا والاعمدة الصحفية، تسأل عن تاريخ أحدهم الثقافي فتجده مجرد نكرة عرَّفه مثقف (بواو منونة) دفعته ليصبح كاتبا أو قاصا أو شاعرا. بعض المثقفين الفضلاء، يتبنى صغيرات قاصرات التجربة والموهبة ،وتفاجأ ان احداهن قد أصبحت كاتبة عمود بتوصية منه،لأنه رأى بعينه الثاقبة فيها أبعادا إبداعية لم ولن يراها غيره!. ولأننا شعب مفطور على حب الحكايا والحكواتيين وهذا ما جعل الكثيرين من الجنس الناعم اللطيف يلجن الى عالم الثقافة من بابها الطارف، باب الرواية والحكاية ذلك المدخل الذي أتخمته الكثير من أناثنا بغثهن وسطحيتهن ومباشرتهن، ثم تجد بعد فترة ان أستاذا جامعيا كبيرا ومن على منصة منبرية ثقافية- كالأندية الادبية- قد أخذ يقرأ هذه الرواية الانثوية ويعيد نقدها وتفكيكها وهي المفككة اصلا لتصبح الرواية وصاحبتها حدثا ثقافيا يستوقف الاعلام وحاشيته الموقرة للكتابة عنه وزفه الى القراء كمنتج إبداعي غير مسبوق! . الغالب من المثقفات الروائيات الجدد تحديدا يتم زفهن فى حملات إعلامية ممجوجة لتفرض أسماءهن على الذائقة والوسط فى صور غير مقبولة لكل خبير حر منتسب للثقافة واهلها. نون النسوة يفعل أفاعيله فى دهاليزنا الثقافية التى أصبحت تخرج لنا كل حين أرتالا من الكاتبات والروائيات اللائي ما إن يذكرن فى صواليننا الثقافية حتى يرتفع مستوى هرمون التستيستيرون عند المتذوقين لهذا النوع من الابداع وهو ما يجعل الطريق معبدة لهن دون أقرانهن من الذكور المغلوبين على امرهم. الثقافة فى واقعنا المحلي يسيطر عليها فئام من الناس رضاهم يعتبر جواز المرور الاول والاخير لأي مثقف، وفق مقاييس فضفاضة أثبتت النتاجات المختلفة ان المرأة قادرة على لبسها والتزين بها لتكون وسيلتها للولوج والاستيطان فى عالمنا الثقافي. مصطلح المثقف يحتاج الى إعادة تعريف وقد يحتاج الى إعادة تحرير من القوالب العتيقة التى مازال بعضهم يستخدمها كصكوك الغفران يمنحها لمن يشاء ويحرم منها من لايوافق مقاييسه الفنية الغريبة. من يدري قد يحتاج مصطلح (الثقافة) الى إعادة تعريب وتهذيب فى ظل انتهاك بعضهم لحرمته وخصوصيته وشرف ممارسته. - علي المطوع
مشاركة :