أنقرة وواشنطن ... إلى أين؟ - مقالات

  • 8/21/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

استقراء المشهد السياسي التركي في هذه الفترة، يعكس حقائق كثيرة غالبيتها تصب في تفاقم معاناة الأتراك، وتعرضهم لمخاطر نتيجة الحرب في سورية والعراق، وزحف الإرهاب وتزايد أعداد اللاجئين عبر الحدود، والمطالبة الشعبية بتحسين الأحوال المعيشية، خصوصاً في مجال التنمية الاقتصادية، واستغلالية القرار السياسي. فمنذ ان تمكن حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان من الحصول على الغالبية في الانتخابات البرلمانية، وقبله الرئيس عبدالله غول في عام 2002، تحول نظام الحكم من سيطرة الجيش إلى الشعب الذي يختار رئيس الجمهورية بالانتخاب. فقد أصبح النهج الديموقراطي في الحكم التركي مطلباً وإرادة شعبية جعلت الدولة تنفتح على الخارج بخطوات مقرونة بشيء من الحذر والتوجس جراء صعوبات تخلصها بالكامل من الارث العسكري الحاكم. ولقد انسحب هذا التوجس على علاقة تركيا بالخارج، وبالذات مع أميركا التي ظلت لفترة طويلة تحاول أن تجعل تركيا اداة في خدمة مصالحها الاستراتيجية. ورغم صلابة الأتراك في قبول ما لا يخدم اتجاهاتهم، كانوا أكثر مرونة خلال السنوات الأخيرة في فهم ما تمليه المصالح، وسلبيات الانعزال، ومحاولة اخذ دور ريادي في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً علاقتهم بالدول العربية... عموماً، تتفق غالبية الآراء السياسية، على أن العلاقات التركية - الأميركية لم تكن دائماً على وفاق، فلقد شابها الكثير من التوترات، خصوصاً أن الأتراك ما زالوا يشعرون بأن أميركا ليست في صفهم تماماً، وانها لا تبذل الجهد في الانضمام التركي للاتحاد الأوروبي، وتعترف بالإبادة التركية للأرمن ابان الحكم العثماني في عام 1915. فقد أصدر مجلس النواب الأميركي بيانه بالإبادة عام 2007. كما ان أميركا لا تعتبر «حزب العمال الكردستاني»، منظمة إرهابية، بسبب مشاركة هذا الحزب في الحرب ضد «داعش»، فضلاً عن الانتقادات الأميركية للتدخلات التركية في العراق وسورية. قد تكون كل هذه الأمور ما زالت مؤثرة في طبيعة العلاقات التركية - الأميركية، وقد تشكل أيضاً مؤشرات للاعتقاد التركي بالدور الأميركي السري في الانقلاب التركي يوم 15 /‏7 /‏2016، خصوصاً ان الاتراك، وإن كانوا لا يعلنونها، إلا أنهم يميلون إلى نظرية المؤامرة التي تسندها طلب المعتقل قائد قاعدة انجرليك العسكرية، اللجوء السياسي للولايات المتحدة أو اعتراف قائد اللواء 39، حسن بولاط باجتماعه السري مع العسكريين الأميركيين في قاعدة انجرليك مرات عديدة، فضلاً عن تأخر إدانة الانقلاب من الأميركيين، ومواقفهم الباهتة وكأنهم كانوا ينتظرون نتيجة الاطاحة بالحكومة التركية المنتخبة. بل ان من أكثر العوامل تأثيراً في الاعتقاد التركي، بالدور الأميركي في الانقلاب، الإصرار الأميركي على عدم تسليم فتح الله غولن، التركي الذي يعيش في أميركا، والذي يعتقد أن له دورا بارزا في الانقلاب. ومع أن الأميركيين طلبوا الأدلة من الأتراك عن ضلوعه، ووافق الأتراك على إرسال وفد لأميركا للتباحث، إلا أن عدم تسليم غولن قد يؤدي إلى توتر في العلاقة بين انقرة وواشنطن في المرحلة المقبلة، ما يجعل دور تركيا في محاربة الإرهاب، ومعالجة أزمة اللاجئين على أراضيها ولدى دول الاتحاد الأوروبي، قضية لا تخدم المصالح الأميركية والاوروبية بل وحتى العربية، التي تشارك مع الحلفاء بطائراتها والتي تنطلق من الاراضي التركية لضرب تنظيم «داعش» والاطراف الموالية له في سورية والعراق. ان المرحلة المـــقبــلة ستكـــون حاسمة للتوجهات التركية في الداخل والخارج، والانتظار سيكون سيد الموقف لاستجلاء الحقائق في القادم من الأيام، خصوصاً أن العلاقات التركية - الروسية، بدأت الآن تعكس الرغبة التركية في توثـيقــها، وفي اتجاه مضاد لعلاقتها بأميركا... yaqub44@hotmail.com

مشاركة :