فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بزعامة الولايات المتحدة والشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي السابق ألقت بظلالها على الرياضة ودورات الألعاب الأولمبية، حيث كان يعبر تصدر الرياضيين تعبيرا عن المزايا والأفضلية للأنظمة المتنافرة، وقد شهدت الألعاب الأولمبية التي استضافتها موسكو في عام 1980 غياباً شبه تام لدول المعسكر الغربي، احتجاجا على التدخل السوفييتي في أفغانستان. وفي المقابل شهدت الدورة الأولمبية في لوس أنجلوس المقامة في لوس أنجلوس عام 1984 مقاطعة دول المعسكر الشرقي بحجة عدم توافر حماية كافية للرياضيين. في دورة برشلونة 1992 التي تلت انهيار المعسكر الاشتراكي، والاتحاد السوفييتي شهدت مشاركة ألمانيا الموحدة بعد سقوط جدار برلين، كما شاركت «الدول المستقلة» المولودة على أنقاض الاتحاد السوفييتي بوفد موحد للمرة الأولى والأخيرة. من جهة أخرى شهدت الدورة التي استضافتها العاصمة اليابانية طوكيو عام 1964، حرمان جنوب إفريقيا من المشاركة بسبب سياسة حكومتها العنصرية، والذي استمر حتى دورة برشلونة 1992، إثر نهاية نظام الفصل العنصري. دورة ألعاب أولمبياد مكسيكو سيتي في 1968 تزامنت مع أحداث سياسية ملتهبة من بينها حرب فيتنام، واجتياح الاتحاد السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا، وتصاعد الحركات الطلابية الثورية الاحتجاجية في العالم، وتصاعد اعتصامات واحتجاجات وتظاهرات شهدتها عاصمة المكسيك قبل انطلاق الدورة بعشرة أيام، استدعى قمعها استعانة الرئيس المكسيكي غوستافو دياز أوراز بالجيش المكسيكي. كما نستعيد ما شهدته دورة 1972 بميونيخ الألمانية من احداث دامية ، وذلك حين قام مسلحون فلسطينيون باقتحام القرية الأولمبية واحتجزوا رياضيين من البعثة الإسرائيلية كرهائن مطالبين بإطلاق سراح أسرى بالسجون الإسرائيلية، واندلعت لاحقا مواجهات أسفرت عن مقتل 19 شخصا بينهم 9 إسرائيليين و5 فلسطينيين. على صعيد دورة ريودي جانيرو الحالية أصدر قاض اتحادي برازيلي حكما سمح بموجبه بإقامة الاحتجاجات السياسية السلمية في الملاعب التي تقام فيها فعاليات الدورة الاولمبية. وجاء صدور الحكم عقب طرد بعض من الذين حضروا مسابقات الاولمبياد لارتدائهم ثيابا تحمل انتقادات للرئيس البرازيلي المؤقت ميشيل تامر. وقال القاضي إن طرد المشاهدين من الملاعب فقط لارتدائهم شعارات ذات طابع سياسي يعد انتهاكا لحرية التعبير. الرئيس الروسي بوتين الذي قاطع حفل افتتاح الألعاب احتجاجاً على الموقف من منع الكثير من اللاعبين الروس بحجة تناولهم المنشطات وصف في بيان له ان تقرير المنشطات وراءه خلفية سياسية. وفي المقابل حث الرئيس الأميركي باراك أوباما مواطنيه على وضع الخلافات السياسية جانبا ودعم رياضيي البلاد الذين يخوضون غمار أولمبياد ريو دي جانيرو الرياضة لم تنج من الخلافات الايدلوجية، وقد أشار الكاتب الإسباني مانويل فاسكيز مونتلبان (1939- 2003) في مقدمة كتابة الصادر عام 1972 «السياسة والرياضة»: إن «اليسار ينتقد الرياضة بسبب أنها تميل إلى صالح اليمين، وذلك من خلال تحويلها إلى أداة للضغط القوي « غير ان العديد من القوى اليسارية تخلت عن توجيه الانتقادات للرياضة لاحقا وخصوصا إثر اسهامات العديد من الكتاب والمفكرين مثل مونتلبان، و وإدواردو غاليانو مؤلف كتاب «كرة القدم بين الشمس والظل» عام 1995.
مشاركة :