يعرض تورشتن هينريش من مكتبه الذي يطل على حديقة واسعة في قلب العاصمة الألمانية طموحاته الكبيرة قائلا: «نريد أن نصبح الصوت الأوروبي في سوق التصنيف الائتماني». وتأمل وكالة التصنيف الائتماني التي يديرها وتحمل اسم «سكوب ريتينجز» في تحقيق النجاح في مجال فشل فيه كثر، وتريد أن تنافس الوكالات الأميركية الثلاث «ستاندارد أد بورز» و «موديز» و «فيتش» التي تهيمن على التصنيف الائتماني بلا منازع. وتلجأ الجهات المصدرة لسندات الخزينة من شركات ومؤسسات، إلى هذه الوكالات الثلاث لتقييم ملاءتها بفضل درجات تصنيف لدينها. وعادة تكون الدرجة الممتاز «إيه ثلاثية». واجتازت «سكوب ريتينجز» في أغسطس مرحلة جديدة بانتزاعها أول تكليف بالتصنيف من شركة مدرجة في مؤشر «داكس» الأساسي لبورصة فرانكفورت، وهي الشركة الألمانية المتخصصة «غاز ليندي». لكن في مواجهة الوكالات «الثلاث الكبرى» التي تسيطر على %91 من السوق الأوروبي، تبدو المهمة صعبة جدا لهذه الوكالة الجديدة التي يعمل فيها ستون موظفا بينهم 35 محللا. وتقول «السلطة الأوروبية للأسواق المالية» إن حصتها من السوق في أوروبا كانت تبلغ %0.14 في 2014، ووصلت أمس إلى %1 حسب التقديرات الداخلية لـ «سكوب ريتينجز». المواصفات الأوروبية وهناك 26 وكالة للتصنيف الائتماني حصلت على تصاريح من «السلطة الأوروبية للأسواق المالية» بينها الفرنسية «سبريد ريسيرتش» والكندية «دي بي آر أس» والإيطالية «كريف» والإسبانية «أكزيسور». ويعتبر هينريش أنه المهندس الرئيسي لتعزيز سوق أوروبية مشرذمة جدا. وقد استثمر في السنوات الثلاث الأخيرة 20 مليون يورو وفتح مكاتب في لندن وباريس ومدريد وميلانو. وقال: «نجري محادثات مع وكالات أوروبية أخرى وهدفنا جميعا تحقيق توازن مع الأميركيين». وأضاف أن «الطلب على دراسات بديلة للتصنيف الائتماني كبير جدا منذ فترة طويلة»، مؤكدا أنه يتبع سياسة أسعار «أكثر واقعية» من الوكالات الإنجلوسكسونية الثلاث التي تستغل هيمنتها على السوق. وتعول «سكوب ريتيجنز» على أسلوب مختلف للتصنيف يتسم بطابع أقل ميكانيكية يأخذ في الاعتبار مواصفات مؤسسات أوروبا، مثل بنى الملكية العائلية التي تتسم بالاستقرار وحجم أساس السيولة والتزامات متعلقة بالتقاعد مثلا وكلها تفاصيل لا تعكسها الوكالات الأميركية في النهج الذي تتبعه. وهذا ما أثار اهتمام مجموعة «هانييل» العائلية القابضة في دويسبورج (غرب)، التي لجأت في بداية العام الجاري إلى «سكوب ريتينجز» لكنها أبقت على علاقتها بـ «موديز» و «ستاندارد أند بورز». وقال الناطق باسم «هانييل» ديتمار بوشيرت لوكالة فرانس برس: «إن فكرتنا عن شركة قابضة استثمارية كمؤسسة عائلية مع آفاق طويلة الأمد يمكن أن تفهمها وكالة أوروبية للتصنيف الائتماني». مصارف ومدينة كامبير الفرنسية والوكالة التي تأسست في 2002 وتخصصت في تصنيف الصناديق والشركات المتوسطة والصغيرة تريد أن تغطي كل فئات الموجودات وباتت تحدد درجات مصارف وشركات وحتى مناطق. وقد حصلت على تفويض خصوصا من مدينة كامبير الفرنسية منذ 2015. وقد وسعت تغطيتها للدول بشرائها هذا العام الألمانية «فيري يوروريتينج» التي تتولى تقييم 59 دينا سياديا. قبل «سكوب ريتينجز»، فشلت وكالات عدة في هذا المجال. فقد حاول المكتب الألماني رولان بيرجيه إطلاق وكالة أوروبية للتصنيف الائتماني لكنه تخلى عن ذلك في 2012 بسبب نقص التمويل. ومنذ الأزمة المالية في 2008، ينتقد السياسيون باستمرار وكالات التصنيف الإنجلوسكسونية باستمرار. ويرى هينريش الذي كان مسؤولا في وكالة «ستاندارد أند بورز» في ألمانيا لمدة 15 عاما، أن قانونا أوروبيا صدر مؤخرا يفترض أن يحفز المنافسة عبر تشجيع الجهات التي تصدر السندات على مشاورة الوكالات التي تملك أقل من %10 من السوق، سيبقى حبرا على ورق لأنه لا يتضمن أي بند ملزم. وتعترف وكالته التي تملكها الأطراف التقليدية الفاعلة في الاقتصاد الألماني مثل عائلة شولر أو شتيفان كوانت وريث العائلة التي تملك أسهم مجموعة «بي أم دبليو»، بأنها تركز اليوم على نمو الربحية إذ إنها تعاني من عجز، وإن كان هينريش يخفي الأرقام.;
مشاركة :