البيع القسري أو الإجباري نظام مقبول ومُطبّق وربما مفضّل ومقدّر في كافة الدول المعاصرة. وهو نظام أقرته البرلمانات والقوانين والأحكام القضائية ولا جدال مُعقّدا حوله. ويُطلقون عليه مُصطلح Compulsory Sale. وهو أنه يجوز للسلطة المحلية إجبار مالك عقار (أرض أو بناء) ليُستفاد منه لإنشاء مرفق يخدم المجموع. ويجري وفق إجراءات تعويض لا تهضم حق المالك ويستفيد منه المجتمع، أو بالأحرى من ضرورات حياة المجتمع المحلي كالمدارس والمستوصفات ودور الحضانة والحدائق العامة والطرق والجسور والمنافذ التي لا غنى عنها. علمتُ أن كل دولة لها نظامها الخاص في ممارسة ذلك الحق الذي أقِر منذ عصور قديمة ورضي به الناس وتعايشوا معه، ولم تجد السلطات عوائق. ولا يرفض هذا النهج إلا مُتعنّت مستبد برأيه، أو عاص خارج عن الطاعة، حتى لا نقول مُتمرّد أو مُماحك. ولن يرتاح الناس وترتاح معها سلطات إنشاء المرافق إلا حين تختفي من صحافتنا اليومية إعلانات البحث عن مقار لمصلحة أو إدارة، تبحث عن المواقع المتروكة وغير المرغوبة للاستعمال الإداري لتجعل منها مقارّ تستقبل الجمهور أو ترعى تلاميذ مدارس،. أو تُطبب العلل. والسبب المعلن هو شح الأراضي، نُصدّق ذلك لأن ثمة أراضي صاحبها لايرحم، ولا يترك رحمة الله تنزل، فهو متمسك بثقافة "حلالي وانا حر فيه" وكأن مفردة "الحرية" تأتي وتغيب حسب حاجة الجشعين. وقرأنا أخيرا نغمة قديمة وسلمها الموسيقي صالح للغناء على أنغام قيثارة الوظيفة الحكومية، وهي أن وزارة الشؤون البلدية والقروية "وجهت جميع الأمانات والبلديات بمناطق المملكة لتسهيل إجراءات تخصيص الأراضي المطلوبة للجهات الحكومية، وسرعة استكمال إجراءات تراخيص البناء لإنهاء إجراءات استخراج صكوك الملكية حسب الإجراءات المتبعة. وأوضحت الوزارة في بيان لها أنه انطلاقاً من حرصها على توفير احتياجات جميع الجهات الحكومية من الأراضي لإقامة المشاريع التنموية والخدمية في مجالات الصحة والتعليم والأمن والإسكان والرعاية الاجتماعية وغيرها من المجالات بما يعزز من قدرة هذه الجهات على أداء مهامها". وما وضعتهُ بين هلالين مزدوجين هو نص التصريح المكرر منذ زمن بعيد. وما دُمنا لم نستطع تحقيق ذلك بدليل كثرة إعلانات طلبات المقار، فعلى الأقل نعمد إلى تطبيق نظام الاستملاك القسري. وأظن أن ذلك خير من أن نذهب إلى "الصمان" لبناء محطات تقوية ومصحات ومراكز أمن وضبط، بسبب "شح الأراضي".
مشاركة :