أثار كثيرين تصريح معالي وزير العمل الأسبوع الماضي بانخفاض نسبة البطالة إلى 6% وارتفاع نسبة التوظيف إلى 100%، وبرأيي المتواضع الأمر لا يخرج عن احتمالين، إما أن يكون قد شاب هذه النسب بعض اللبس ولم تفهم على حقيقتها، وإما أن وزارة العمل التي طالما أشدت بكثير من قراراتها قد انضمت لبقية الجهات الحكومية التي تعمل وكأنها في جزر منفصلة عن بعضها وعن الواقع. بحثت في محفوظاتي لكني لم أجد تصريحا سابقا ينفي فيه الوزير ذاته نسبة 6% التي كانت تعلنها مصلحة الإحصاءات العامة حتى قبل عام في معرض حديثه عن المهام العظام التي تنتظر وزارته لتوظيف العاطلين، يأتي اليوم ليتبنى ذات النسبة بل ويعلن وصول نسبة التوظيف إلى 100% فما الذي حدث خلال عام؟ شنت حملة، سأقول إنها ناجحة برغم بعض سلبياتها، لتنظيم العمالة الوافدة، وسأزعم أنها خففت من سلبيات وجودهم برغم تراخي جهودها مؤخرا، لكن هل يعني هذا القضاء على البطالة، فماذا نسمي صفوف العاطلين المنتظرين كل يوم أمام أبواب وزارته وفي برامج وزارته؟ وزارة العمل تعلم قبل غيرها أن معظم وظائفها المستحدثة كانت هامشية قبلت بها المنشآت لتنعم بظل نطاقات الوزارة الآمنة وبدعم صندوق الموارد، وزارة العمل تعلم أن حوالى 300 ألف مواطن يدخلون سوق العمل سنويا يتم استيعاب أقل من ربعهم، وتعلم الوزارة كذلك ما تعلنه وزارات أخرى مختصة كالخدمة المدنية أن نسب العاطلين بلغت حوالى المليونين، وما يقوله مختصون إنها أكثر من ذلك. هل اختلاف المعايير يولد كل هذا التفاوت أم تراه اختلاف السياسات وعدم التنسيق بين الجزر المنفصلة، وكيف ومتى والأهم أين سقطت الشفافية؟ اتساع رقعة سوق العمل سنويا له مؤشرات أهمها ارتفاع أعداد طالبي العمل، وله أدوات تتعاطى معه أهمها ارتفاع نسب خلق الوظائف لتتناسب مع زيادة معدلي الدخل والسكان، العمالة الوافدة موضوع آخر، فمعظمها عمالة غير ماهرة أو إدارة عليا، شبابنا جاهز للوظائف الوسطى والعليا، ما يمنعه هو انخفاض خلقها في القطاع العام وضيق مساحتها في القطاع الخاص بسبب انخفاض أجر الوافدة مقارنة بالوطنية، بدون مواجهة هذه الحقائق سنظل صرعى التصريحات.
مشاركة :