إن إعادة هيكلة وزارة النقل وفروعها وفق ما صدر الأسبوع الماضي يٌعد خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق متطلبات التحول والتنمية الشاملة وإدارة وقياس مستوى الخدمات والمشاريع وفق مؤشرات الأداء الرئيسية (KPI)، كون التغيير جاء بكفاءات شابة ودماء جديدة للرفع بها إلى مواقع العمل والإنتاج، ولعّل هذا التوجه من معالي الوزير جاء بعد رؤية ودراسة دقيقة لحاجة العمل ومواكبة المرحلة المستقبلية التي تتطلب إيجاد مبادرات وتطوير شامل والقضاء على الروتين والبيروقراطية التي تذهب معها الكثير من فرص الإنجاز بسبب الدورة الطويلة من الإجراءات والمخرجات غير المرضية، وبالتالي انعدام روح الابداع والمبادرة. التوجه الذي اختطته وزارة النقل باختيار كفاءات شابة لمراكز قيادية سيحقق - إن شاء الله - دعماً لأهداف الوزارة وسيجعل من تلك الكوادر مراكز قوة وإبداع نحو الانتاج واثبات الذات والرفع من سقف انتاج إدارته وتقديم المبادرات المثمرة مع ما تحتاجه هذه القيادات الشابة من برامج تدريبية مكثفة والاطلاع على تجارب مميزة في الداخل والخارج حتى تصبح قادرة على التعامل مع المتغيرات الاقتصادية والتقنية واستشراف المستقبل ومواجهة التحديات بفكر إداري منتج يوجد الحلول ويصنع الفارق وبتكاليف أقل وفق أساليب وأدوات جديدة في الإدارة والقيادة. فالمركز الاداري ليس بالضرورة يكون حصراً على صاحب مرتبة متقدمة نتيجة خدماته خلال السنين أو شهادة علمية يصاحبها جمود في التفاعل وضعف في الاداء، إنما تعطي المواقع القيادية لمن يملك بزمام المبادرة وأصحاب الرؤية في الإعداد والتخطيط وإيجاد الحلول، وبالتالي فإن وزارة النقل صاحبة السبق في كسر قاعدة المفهوم الإداري المتعارف عليه بإعطاء الأولية لذوي المراتب والخبرات المتراكمة في إسناد المهام القيادية إليهم، مع تقديرنا بأهمية الاحتفاظ بمن لديه رصيد إداري جيد والاستفاده منه في مواقع مختلفة. وزارة النقل بهذه الخطوه تؤسس لكثير من الأجهزة الحكومية بإتخاذ خطوات مماثلة بنفس الإتجاه ومنح الكوادر الشابه فرصه القيادة والابداع ومواكبة المرحلة المستقبلية وتحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030 خاصة بعد ما منحت وزارة النقل ممن اختارتهم كمدراء لفروعها بالمناطق صلاحيات واسعة. ولعل أهمها صلاحية مدير الطرق بالمنطقة للعمل وفق ما يقرره مجلس المنطقة وهذه من الثمار المهمة في القرار كونه بالسابق كثير من الرؤى والقرارات التي يتوصل إليها المجلس يتم الرفع بها لمراجع تلك الإدارات، كون مدير فرع الوزارة عضو مجلس المنطقة لا يملك صلاحية الموافقة على تنفيذ قرارات مجلس المنطقة. ومنح هذه الصلاحية ستوفر الكثير من الوقت وتقطع الطريق أمام الروتين وتعزز مسيرة عمل المجلس وتناغم العمل بين المجلس وافرع الوزارات بالمنطقة كون الجميع هم الأقرب إلى الواقع ومعرفة مدي الحاجة لكل جزئية بالمنطقة، وتحديداً مجلس المنطقة لقربه ومعرفته بظروف وطبيعة وأولويات احتياجات المنطقة وما تتمتع به من مزايا ومقومات. وهذا يدفعني للقول بأن هذه الخطوة الجريئة للوزارة ستعطي بمشيئة الله ثمارها الطيبة على واقع التنمية ومتطلبات المواطن مع يقيني بأن اختيار القيادات الشابة ستعمل وفق محورين من الاهتمام الأول الإنجاز بشكل متسارع في ظل منحه الصلاحيات اللازمة وربط مستوى أداءه بمؤشرات واقعية وعملية. أما المحور الثاني اثبات الذات وتحقيق فرص النجاح من أجل تطوير واقعه ومساره الوظيفي كونه في مستهل مشواره العملي. نتطلع إلى قيام الأجهزة الحكومية باتخاذ خطوات مماثلة لوزارة النقل حيث إن أغلب أفرع الوزارات في المناطق ليس لديها صلاحيات كافية في اتخاذ القرارات المناسبة لمصلحة العمل فعلى سبيل المثال الأمانات والبلديات بحاجة إلى مزيد من الصلاحيات في إدارة واستقطاب وترسية الفرص الاستثمارية لديها ومنحها مرونة منضبطة في إدارة الملف الاستثماري وبشكل مباشر بالإضافة إلى صلاحية معالجة مشكلة تعدد الأدوار وفق ما يقرره مجلس المنطقة، بالإضافة إلى حاجتها إلى تطوير الكادر الهندسي والتقني والإداري الذي يستطيع رفع سقف الخدمات المقدمة والايرادات، كما أن المصلحة العامة والمرحلة القادمة تتطلب أن يكون تكليف مسؤول لموقع قيادي مرتبط بخطة عمل ومؤشرات قياس لما سيتم إنجازه خلال مدة زمنية معينه، كون الوظيفة والموقع القيادي ليست شكلاً من أشكال الوجاهة إنما واقعاً للعطاء والانجاز وتحقيق طموحات الوطن والمواطن. حفظ الله الوطن وقيادته وأدام على ربوع مملكتنا الأمن والاستقرار والخير والنماء.
مشاركة :