الحنين إلى الماضي | إبراهيم محمد باداود

  • 8/25/2016
  • 00:00
  • 44
  • 0
  • 0
news-picture

في كثير من الأحيان، وخصوصًا عندما نزور بعض كبار السن من أفراد العائلة، أو ممن نعرف من الأصدقاء، نجد معظمهم يعمد في حديثه إلى المقارنة بين الزمن الحاضر والماضي، كما تشمل المقارنة ما كان يقوم به الشباب في ذلك الزمن، وما يقومون به اليوم، والتأكيد على أن مستوى همّة الشباب اختلف اختلافًا جذريًا بين الماضي والحاضر، كما اختلفت البركة في معظم الأشياء، سواء بالنسبة للوقت أو المال، أو حتى القناعة بالأشياء المتوفرة، مما يجعل كثير منهم يتذكر ذلك الماضي بشيء من الحسرة، ويُقارن بينه وبين الحاضر بشيء من الألم. في مجال تربية الأبناء، نجد كبار السن يُؤكِّدون أنها كانت في أيامهم تقوم على الشدّة والحزم، بالرغم من ضعف الموارد المالية، ومن ازدحام بعض المنازل بالأطفال من أولاد وبنات، ومع ذلك فقد أحسن الآباء في إخراج أجيال في ذلك الوقت تعرف معنى تحمُّل المسؤولية، وتُقدِّر قيمة الوقت والمال، كما تمكَّنت من إيجاد قيادات مميزة عملت على خدمة الوطن في العديد من المواقع المختلفة. يتحسر بعض كبار السن على ذلك الزمن ويحنّون إليه، وهم يرون عجز بعض أولياء الأمور اليوم عن تربية طفل أو طفلين، فتجد الشكاوى متواصلة على عدم القدرة على السيطرة عليهم، وتجد التوازن بين مسؤوليات المنزل والمدرسة، والعمل يكاد يكون مفقودًا بينهم، بل وقد نجد وللأسف انجراف بعض أجيال اليوم سواء لمستنقع الإرهاب أو المخدرات، هو في أغلب الأحيان نتيجة إهمال بعض أولياء الأمور وتقصيرهم في تربية أبنائهم ومتابعتهم. يُردِّد كبار السن بأن مستوى المعيشة في الماضي؛ وبالرغم من قلة الموارد المالية، فقد كان الجميع سعيدًا يأكلون ما تيسَّر لهم، ويسيرون في الطرقات دون وجود وسائل مواصلات، وكانوا معظمهم يتمتع بصحة جيدة، ويعمل في كثير من الأحيان لفترات طويلة حتى لو تقدم به العمر، واليوم نجد بعض الشباب لا يستطيع أن يمشي مسافة كيلومتر واحد، بل ترى جسمه وقد ترهل، ووزنه قد زاد، وأصبح في كل فترة يشتكي من وعكة صحية، فتجد الإجازات المرضية بجميع أنواعها، كما تجد حجم إنتاجيته محدودًا، وتركيزه فقط على الراحة والاسترخاء. يُؤكِّد كبار السن أن في الماضي كانت هناك بركة في الوقت، فقد كان الإنسان ينجز في اليوم الواحد الشيء الكثير، فهو يقوم بعمله الأساسي، وعندما ينتهي يعمد إلى تلبية احتياجات أسرته، ويؤدي حقوق أقاربه وجيرانه، وقد يسهر بعض الليالي مع أصدقائه، واليوم نجد بعض الشباب يشتكي من ضيق الوقت وكثرة الأعمال، وعدم التمكن من أداء المهام. في الماضي كانت النفوس مستقرة وهادئة، وكانت السكينة والاطمئنان سائدة، أما اليوم فإننا نجد البعض يسيطر عليه القلق والخوف الدائم، إنها بركة الماضي الجميلة، ولذلك نجد كبار السن اليوم يشتاقون لتلك الأيام، ويحنّون لها ويتمنون عودتها. Ibrahim.badawood@gmail.com

مشاركة :