رغم أن حبر الموقعين على ميثاق العمل الدعوي بين علماء ودعاة اليمن الذي جرى في العاصمة الرياض، واستضافته وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودية منذ أيام قليلة وتشرف عليه من خلال برنامج التواصل مع علماء اليمن، لم يجف بعد، إلا أن ذلك لم يمنع خروج أصوات معارضة من رحم الحكومة اليمنية تعلن بصراحة اعتراضها على هذا التوجه، مع العلم أن الرئيس عبد ربه منصور هادي باركه بشكل مباشر. العديد من الملامح حملها إطار التجاذب السياسي من الميثاق، ولعل أبرزها هنا السخط التويتري المتصاعد الذي جاء ضمن سلسلة تغريدات هجومية مباشرة من لدن وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء اليمني هاني بريك على بعض الموقعين وبنود الاتفاقية، بل حتى وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح آل الشيخ ناله حظ من ذلك النقد اللاذع وإن كان بشكل غير مباشر. التشعيب السياسي منذ الثاني والعشرين من أغسطس الجاري أي منذ التوقيع على الميثاق- والمعركة التويترية متصاعدة، وهو ما حدا بالداعية السعودي سليمان الخراشي، بتقديم سلسلة من الردود على عضو مجلس الوزراء اليمني بن بريك، كان منها أن الميثاق صاغة سلفيون حتى أن البعض استغرب كيف وافق الإخوان- في إشارة إلى التجمع اليمني للإصلاح، وأضاف تغريدة أخرى، اعتبرها كثير من المتابعين أنها رسالة مهمة ذكر فيها أن التواصل مع علماء ودعاة اليمن تم بقرار سامٍ من خادم الحرمين، ومر بجهات حريصة على بلادنا واليمن من عدم الاختراق الصفوي، وهم أدرى مني ومنك بالمصلحة. الباحث السياسي اليمني نبيل العمراني أشار في حديثه لـ (المسار)، إلى أن بريك يمارس ما أسماه بـ التشعيب السياسي، وخرج للأسف الشديد عن الدائرة الاستراتيجية القومية -بحكم منصبه- والتي تأتي ضمن التحالف بين الحكومتين السعودية واليمنية تجاه المد الفارسي والصفوي وخلاياه في الداخل اليمني، الذي يتطلب توحيد الجهود والكلمة، وبخاصة أن هذه الاتفاقية انخرطت فيها مختلف المكونات الدعوية والمدارس الفقهية في اليمن. ولم يكتفِ العمراني بذلك بل وجه انتقاداً مباشراً لحكومة بن دغر، التي لم تبد أي رد فعل على تصريحات بن بريك -الذي تصفه مواقع إخبارية إلكترونية يمنية بالحاكم الفعلي لعدن- الصادرة من حسابه الرسمي في تويتر كـعضو في مجلس الوزراء اليمني. كما أنه لم يتسن لـ (المسار) الحصول على تعليق رسمي من قبل الحكومة اليمنية للتعليق على تغريدات الأخير رغم الاتصالات المتكررة بها. جدلية العلاقة وتابع العمراني أن إشكالية بن بريك الرئيسية أنه لم يستطع الانفكاك من جدلية العلاقة والاختلاف مع بعض الأطياف الموقعة داخل الميثاق وبين كونه رجلا حكوميا في منصب مهم، وقال: من يتابع تغريداته الأخيرة بشأن الميثاق الدعوي سيلازمه الاستغراب، بل ويتساءل هل الرجل يعمل للمصلحة الوطنية، أم لصالح أجندات خارجية أخرى؟. لم يكن الأمر محصوراً بين تغريدات بن بريك، بل إن دعاة آخرين محسوبين على ما يسمى بالحراك الجنوبي الداعي لاستقلال الجنوب عن الشمال، دخلوا أيضاً على خط المعركة التويترية كجمال بن عطّاف (@Ben_ataf)، الذي تساءل في تغريدة سابقة له لماذا تم استبعاد الهيئة الشرعية الجنوبية من ميثاق علماء ودعاة اليمن؟. الملفت أن التغريدات السابقة سواء الرافضة لبعض البنود أو الموقعين، أو حتى المناهضة له من الأساس، لم تسلم في المقابل من تعليقات المناوئين لها، لذا يمكن ملاحظة أن اتجاهات الردود لم تأت من اليمنيين فقط بل من حسابات تويترية سعودية، رأت أن ميثاق العمل الدعوي، يعد مفصلاً رئيسياً مهماً لما بعد تحرير العاصمة صنعاء من قبضة الحوثيين والقوات العفاشية، ونجاحاً سعودياً قومياً بامتياز.
مشاركة :