أحمد عثمان (باريس) عن عمر يناهز 90 عاماً وبمستشفى «في كونتامين سور آرف»، قرب الحدود مع سويسرا، توفي الروائي والشاعر والباحث الفرنسي البارز «ميشال بوتور»، الذي يعتبر من أهم رواد الرواية الجديدة في فرنسا، والحائز على جائزة «رونودو» في العام 1957 عن كتاب «لا موديفيكاسيون»، بحسب ما قالته عائلته لصحيفة «لوموند». ويشار إلى أن «بوتور» كان كاتباً غزير الإنتاج وأطاح بالبنى السردية للرواية مع عمله «لا موديفيكاسيون»، فيما يتعذر تصنيف كتبه ومحاولاته الأدبية وشعره في خانة معينة بحسب ما يكتبه عنه النقاد في فرنسا أو خارجها. وكان «بوتور» قال بمناسبة معرض كرسته له مكتبة فرنسا الوطنية في 2006، «الكتابة تعني الإطاحة بالحواجز»، قبل أن ينال في 2013 الجائزة الكبرى للأدب من الأكاديمية الفرنسية. وفي تقرير نشر فيه خبر وفاة «ميشال بوتور»، أشارت الصحافة الفرنسية يوم أمس الخميس، إلى أنه درس الفلسفة وعلم اللغة في جامعة «السوربون» بباريس، بعدها عمل مدرساً للفرنسية في الخارج، تحديداً في مصر (محافظة المنيا، بالصعيد) في بداية حياته العملية بناء على طلب من الدكتور طه حسين إلى الإدارة التعليمية الفرنسية، وبين عامي 1975 و1991 عمل مدرساً لمادة الأدب الفرنسي في جامعة جنيف، ويعتبر أحد أهم أدباء حركة الرواية الجديدة ذات التوجه اليساري التي أزاحت الرواية التقليدية جانباً في أواسط القرن الماضي «الخمسينيات والستينيات». وعرف على نطاق واسع كروائي، وعلى وجه الخصوص بروايته «التغيير» (جائزة رونودو، 1957)، «درجات» (1960) و «المتغير» (1962). بعد أن حاول في روايته الأولى أن يوفق بين الشكل التقليدي للرواية وإرادة تصوير العالم المعاصر، ارتبط بجماعة «الرواية الجديدة»: ناتالي ساروت وآلان روب جرييه وكلود سيمون. اختار أشكالاً جديدة تجريبية، بدءاً من «المتغير» التي أبدعها عبر كولاجات متعددة (انسيكلوبيديا أميركية، وصف السيارات، قصاصات صحفية، ...). هذه الإرادة للتغيير لعرض العالم توجد دوماً في نتاجاته، التي تتعلق بالرحلة (سلسلة : عبقرية المكان)، حكايات الحلم (مواد الأحلام)، أو مساهماته المتعددة مع الرسامين والفنانين المعاصرين (التي ضمنها في سلسلة «توضيحات»). هذا العمل مع الفنانين انتهى إلى تأسيس جانب جديد من التدخل الأدبي بمقاربته «على» و«مع» ثم «في» الرسم. نصه الأول (كان عن ماكس أرنست في 1945) أفضى إلى عدد لا يحصى من النتاجات التي تستوضح مفهوم النتاجات المتشابكة. ومنذ أربعين عاماً تموضع ميشال بوتور في فضاء شعري، بالمعنى العريض للكلمة، مع مقاربة روائية.
مشاركة :