كيف ومتى وماذا أقرأ؟

  • 8/26/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

إنّ طريقة القراءة ووقتها من أهمِ الأُمور التي إمّا أن تُساعد على الفائدة والاستيعاب السريع أو أن تكون عائقاً لذلك. لابُد للشخص القارئ أن يَعرف أولاً لماذا يقرأ؟ هل يقرأ للاستمتاع أم للفائدة أم للبحث أم للاستعداد لاختبار ما وغيرها. فمعرفة السبب تُهيئ الطريق وتُسهله للبداية في القراءة مِن ثَمّ إكمال القراءة نفسها، فلا يتوقف العقل عن ذلك كما يحدُث للكثير عندما يبدؤون في قراءة كتاب فيتفاجؤون أنّه لم تعد لهُم القُدرة أبداً لإكمال ذلك الكتاب. والسبب كما قُلنا إنّ القارئ لم يَصِل بعد لسبب قراءته أصلاً. في الواقع، إنّ الوقت المُناسب للقراءة يختلف من شخص لآخر ويختلف على حسب الهدف من تلك القراءة، هل هي للمذاكرة مثلاً أم للمتعة والثقافة العامة؟ لكن لنتحدث عن القراءة العامة والتي تزيد من المُحصِلة الثقافية والعلمية واللغوية. إنّ الوقت الذي أراه مناسباً هو ذلك الوقت الذي يكون صافياً وخالياً من الناس والأشغال حتى تَسلُك القراءة مسارها دون عوائق ومُلهيات، وإن فكرت قليلاً ستجد أن هذا الوقت هو وقت ما قبل النوم. وعندما أقول ما قبل النوم لا أعني قبل النوم مباشرةً أو بوقتٍ قصير، بل بمدة تتجاوز الساعتين مثلاً حتى تبتعد عن السهر والإرهاق أثناء القراءة وإلا لا فائدة مرجوّة مِن تلك القراءة. فكثير من الناجحون يقومون بالقراءة نصف ساعة على الأقل قبل النوم، باراك أوباما وبيل قيتس مثالين على ذلك. أضف إلى ذلك أن لكُل يوم ظروفه الخاصة وبتلك الظروف قد يختلف التوقيت المناسب، وإنني لم أجد وقتاً للقراءة أجمل من القراءة في الطائرة أثناء السفر، فإنك لا تجد ما يمكنه أن يجعل وقتك يمر بغير قراءة، فتضطر لها وتقرأ كماً في السماء قد لا تقدر عليه في الأرض. أما الطريقة المناسبة للقراءة، فأول كل شيء اقرأ ما تريد أن تقرأه أنت وليس ما يريده الآخرون، وليس منظر الكُتب الجذاب التي كُتب فوق رفها الأكثر مبيعاً، فكثير منها لم تكُن كذلك إلا بسبب تقليد الناس للناس، أو ما يسمى بنظرية social proof، وهي عندما يرى الشخص الناس يفعلون شيئاً ما أو ينجذبون له فينجذب له دون سبب ولكن تقليداً لهم فقط، ولذلك نرى بعض الماركات العالمية اشتهرت بالرُغم من عدم استحقاقها لذلك وهذه حالة طبيعية في البشر، ولكن لا أعني بذلك ألا تأخذ ببعض التوصيات ممن حولك أو أن تتجاهل كلياً الكتب أكثر مبيعاً. وأضف إلى ذلك أن كلاً منّا يُميل إلى مجالات مُحدّدة تختلف عن مجالات الآخرين، فأصحاب السياسة للكتب السياسية والتاريخية لأصحابها والأدبية لأصحابها إلخ. لكن لا مانع من التغيّير أحياناً للتثقف قدر المستطاع، ولكن هنالك نوعان مُنتشِران من الكتب لم أذكرهما لأني أرى أهمية الحديث عن كل منهما على حِدة، وهُما: النوع الأول الكُتب الدينية الثقافة الإسلامية: فمِن وِجهة نظري أنّ كُتب الثقافة الإسلامية والتعاليم الدينية لا بُد على كُلِ مُسلم أن يلتفت إليها مهما كان تخصُصه ومجاله، فهي مفيدة بدونِ شك في الدُنيا والآخرة، وتذكّر كلام رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (من يرِد الله بِهِ خيراً يُفقّههُ في الدِين) رواه البخاري. وكم أتمنى أن يُكتب هذا الحديث الشريف عند بوابات كليات الشريعة وأصول الدين. النوع الثاني الروايات: هذا النوع من الكتب أنصحك بالابتعاد عنه ولكن ليس كل البعد، لكن لتكن خيارك الأخير، يعني عِندما تَنتقي 5 كُتب من الكُتب العلمية مثلاً، فليكن السادس رواية ولكن ليس العكس، والسبب المُتّفق عليه أنّ مُعظم الروايات لتحريك المشاعر فقط وليس العقل، فهي غالباً قليلة الفائدة وقد تكون الفائدة الوحيدة من بعض الروايات أنك تقرأ على الأقل، فهي للتسلية والمُتعة أكثر من كونها للفائدة والبحث، واستثنِ من ذلك بعض الروايات التاريخية ففيها كثير من المعلومات وقد تندرج تحت الكُتب التاريخية ولكن أخص بالتحذير من الروايات الرومانسية إن كنت تريد أن تحافظ على وقتك وقلبك وعقلك. أما الأنواع الأخرى فلا بأس بها للخروج قليلاً عن العلوم وإراحة القلب والعقل وإمتاعهُما. وكما قال علي رضي الله عنه: (روّحُوا القلوب واطلبوا لها طُرَفَ الحِكمةِ فإنها تمِل كما تملُ الأبدان). وقبل البداية في قراءة كتاب، تعرّف على مؤلفه وعلى إنجازاته وتوجُهاته واعتقاداته لتكُن الفائدة فائدتين، ولتفّهم بسُرعة لما يرمي إليه بين أسطُرِه، ولكن ليس دائماً حتى لا يُؤثر اسم المؤلف وشخصِهِ على محتوى الكتاب. ومن الطرائق المُهمة أثناء القراءة، تدوين المُلاحظات عند النقاط التي تُهمّك أو تُريد أن تقتبسها لاحقاً. ومن الأمور المهمة كذلك والتي دائماً ما أنبه عليها؛ أن تكون محطة توقفك عن القراءة عند موضوع أو فصل جديد وليس في وَسَطِه، فالبعض يتوقف في مُنتصف موضوعٍ ما وعندما يعود لقراءته ينسى ما كان الحديث الذي قبله فيضطر للعودة للوراء، ولأن الحديث عن موضوعٍ ما مُتصل ببعضهِ البعض فلا بُدّ من قراءته مرةً واحدة. وقد يقول البعض إنّ عقلي قد غلبهُ التّعب وعيناي النُّعاس، فأضطر للتوقف في الوسط، أقول له عندما تُنهي الفصل الأول فلا تبدأ في الفصل الثاني إلا عندما تُقلّب صفحاته وترى إن كان لديك الوقت والطاقة الكافية لإكمال قراءة هذا الفصل أو الموضوع كاملاً أم لا، فتقرر التوقف أم الاستمرار. وقبل أن أُنهي هذا المقال، لابد أن تدرك عزيزي أنك لا تقرأ لكي تحفظ كل ما قرأته، فأستغرب عندما أُحاول أن اقنع أحدهم بالدخول في عالم القراءة فيقول لي: مشكلتي ضعيف في الحفظ! أخيراً، مثلما تُغذّي معدتك بالطعام لتستطيع العَيش، فلا بُدّ أن تُغذي عقلك بالقراءة لنستطيع التحدث معك. عِندما يُصبح الكتاب أداة لمُتعة العقل والقلب لدى شباب المُجتمع كما هي كُرة القدم والمسلسلات اليوم وغيرها، فحينها أستطيع القول إنّ الغرب سيستشرق قاصداً أندلُس هذا العصر. ناظم القحطاني تويتر: @i_Nazzz

مشاركة :