يا ناس .. ارحموا أطفالنا

  • 2/12/2014
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يبدو أن بكائياتنا لا تنقطع هذه الأيام، فمن تلك الأم التي تبكي وليدها التائه في ساحات الوغى والفوضى، إلى تلك الأم التي تغيب الكلمات في حلقها بكاء وأسى على طفلها الذي اعتدي عليه جنسيا في المدرسة، وذلك الطالب الكفيف الذي يسلم يده البريئة لمعلم منحط يقهره على ممارسة الرذيلة، إلى ما لا نعلم من صنائع الشيطان والنفوس المريضة. وستبقى هذه البكائيات وتطول إن لم تتحرك ضمائرنا ونتحمل مسؤولياتنا ونقلع عن الثقة بالمظاهر والأماكن الزائفة التي تخدعنا. أيضا ستتضاعف هذه البكائيات والمآسي في حق أطفالنا إن لم نعِ ــ كأسر ــ دورنا في تربيتهم وتوعيتهم بما يحيط بهم من تصرفات وشؤون الآخرين. ولذلك لا تبدو المسألة فقط معلقة برقبة الجهات الحكومية أو المدارس التي تستقبل أطفالنا كل صباح، ولا في مؤسسات المجتمع التي تباشر حوادث الاعتداءات والتحرش، بل مع كل هؤلاء يجب على الأهل بلا مراء أن ينفضوا غبار كسلهم وتواكلهم ويعتنوا بأحوال أبنائهم وبناتهم. من غير المعقول أن يعتدى على طفل مرة ومرتين وثلاثا وأهله لا يلاحظون ولا يلتفتون إلى متغيراته النفسية والجسدية وتغير شكل حضوره وسلوكه في البيت. نحن أمام متغيرات اجتماعية عنيفة تشكلها مكتسبات النت والتواصل الافتراضي الذي لا يخضع لرقيب أو حسيب. وهي متغيرات لن يضبطها أو يحد منها إلا القوانين والتربية الخاضعة لأسس علمية، وليس تلك التربية التي تأمر وتنهى بغلظة وصلف، إلى درجة أن الطفل أصبح يخاف من أهله أكثر مما يخاف من الأشرار الذين يطاردونه أو يعتدون عليه. العقاب القاسي والمعلن أيضا له دور هائل في الحد من الجرأة على براءة الأطفال وأجسادهم. ومن المفترض أن يشنع بالمعتدي بعد ثبوت التهمة عليه وإصدار عقاب بحقه؛ لكي نبني جدارا اجتماعيا رادعا لمن تسول له نفسه الاعتداء على الأمانة التي بين يديه. نريد أن نعرف ــ مثلا ــ ما هو العقاب الذي طبق على من اعتدى على طفل المدرسة، وعلى الطفل الكفيف الآخر، وعلى عشرات من الأقارب والأباعد الذين ثبتت عليهم تهم التحرش، وإلا فإن حلولنا لهذه المسألة ستظل عرجاء وحيية لا تقدم ولا تؤخر. نريد ــ كل من مكانه وفيما يخصه ــ أن نرحم أطفالنا ونجنبهم مناطق ومنابت السوء والشر والاعتداء.. وهذه مسؤولية الجميع، حيث لا يجوز لأي فرد في المجتمع أن يستثني نفسه منها.

مشاركة :