تعتبر الصفحة الأخيرة في الصحف اليومية من أكثر الصفحات متابعة وطلبا وقراءة لدى الشارع الكويتي، فهي تجمع بين كتاب الرأي المشهورين ووفيات اليوم، والأهم من كل هذا وذاك والأكثر تشويقاً وحماسة، القضايا والجرائم اليومية المثيرة والمتنوعة والمتحفة أحيانا، فكما يقول إخواننا المصريون «الجمهور عاوز كده»! ولأن «الجمهور عاوز كده» - وأقصد هنا أخبار الجرائم والقضايا المختلفة، فمن الطبيعي أن الكثيرين منا أول ما يبدأ به هو مطالعة الصفحة الأخيرة قبل المضي في قراءة بقية الأخبار، التي أعتقد شخصيا أنها أكثر أهمية. ولا أجد أن هناك ضيراً في ذلك، لطالما كانت مادة تلك الأخبار والجرائم المنشورة في إطار حدود المعقول والمقبول دينياً ومجتمعياً وأخلاقياً. خذ عندك عزيزي القارئ، «وحش مصري» خدش حياء كابينة مطعم بهتك عرض زميلته... تمايل مركبة كشفت متعاطين... ضربها وسلبها وهجرها... «أم تهيؤات» أستفزت الأمن... موظف في البلدية: ادفع الربع... والمخالفة اعتبرها ملغية!. رمز تعبيري أشعل قضية بين مواطنين... «بدون» ألقى بنفسه من مركبة خاطفيه. كل ذلك ما هو إلا أمثلة لتدرك معها حجم الإثارة والتنوع في الجرائم والقضايا، علما بأن ما ذكرت هو عناوين أخبار الصفحة الأخيرة لجريدة «الراي» في نفس يوم كتابة المقال. الشاهد في ذلك، أن هناك تنوعاً واختلافاً في هذه القضايا والجرائم، فمنها المؤلم والمحزن وما يقشعر منه البدن وما يندى له الجبين، ومنها المضحك والمشوق والمسلي، ومنها ما يقول البعض بعد قراءتها «قلعتهم، وخزياه، مالت عليهم، سليمه تصكهم» وغيرها من مصطلحات شاي الضحى لدينا! وعند النظر للأمر بموضوعية، نلاحظ أن هناك ازدياداً واضحاً في عدد الجرائم والمشاكل اليومية وفي شكل مخيف على الرغم من صغر حجم الدولة وعدد سكانها! ولا يخفى على الجميع، أن المسببات مختلفة ومتنوعة بسبب التطور المجتمعي والتكنولوجي والانفتاح العصري وقلة الوعي وثقافة التعامل مع الآخرين وغيرها. لكن، من يضمن عزيزي القارىء، فقد يكون أحد أفراد أسرتنا من بين هؤلاء في يوم من الأيام لا قدر الله؟ إنني متيقن علم اليقين، أن الأسرة، وعلى مر الأزمنة، هي الأساس في تربية الطفل وفي تهيئته للتفاعل مع من حوله خارج إطار المنزل وفي غرس القيم والأخلاق والواجبات اللازمة، ومتى ما كانت الأسرة متماسكة وقوية، كان الأبناء أكثر قدرة وقابلية للنجاح والبعد عن الجرائم والمشاكل التي انتشرت في شكل غريب في المجتمع، حتى ولو كانت العوامل الأخرى الخارجية التي لا يكون لدينا قدرة في السيطرة عليها قوية. لذلك، علينا أن نلتفت أكثر لأبنائنا، فواقع الحال يقول ان مغريات الحياة ومتطلباتها جعلتنا نهمل واجبات أعظم أهمية. دعونا نبتعد قليلاً عن مضامين تلك الأخبار عند قراءتها ونذهب بعيداً لنتأمل، ولو لوهلة، التزاماتنا وحقوقنا تجاه غيرنا ونعمل بها بكل إخلاص، حتى لا يأتي اليوم الذي نرى فيه خبرا يخص أحد أفراد أسرتنا يتصدر الصفحة الأخيرة، ونندم بعدها على ما فات! boadeeb@yahoo.com
مشاركة :