سعيا وراء تطوير الاقتصاد السعودي، ورغبة في الأخذ بأسباب التقدم والرقي التي استفادت منها الدول التي قطعت شوطا في مجال التطور الاقتصادي، اتجهت المملكة لتفعيل العلاقات الاقتصادية مع عدد من تلك الدول، مثل الصين، التي باتت رقما اقتصاديا صعبا يصعب تجاوزه. وبدأت أولى تلك الخطوات في نقل مستوى العلاقات بين الرياض وبكين إلى مستوى رفيع، حيث يتولى تنسيق العلاقات من الجانب السعودي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومن الجانب الصيني نائب رئيس الوزراء. ومن العوامل التي حفزت الدولتين على زيادة وتفعيل علاقاتهما الاقتصادية، رغبتهما المتزامنة في تحقيق مصالحهما المشتركة، في عالم بات فيه الجميع يتجه نحو التكتل والوحدة، ففيما ترغب المملكة في الاستفادة من التجربة الصينية الواعدة، والخبرات التقنية والعلمية التي تمتلكها، فإن بكين ترى في الرياض سوقا مفتوحة واقتصادا واعدا، في ظل رؤية المملكة 2030، التي قدمت المملكة في صورة جاذبة دفعت الدول الكبرى للتسابق لدخول أسواقها. نمو متسارع تظهر البيانات والأرقام الرسمية استمرار نمو العلاقات التجارية بين المملكة والصين وتعمقها بين عام وآخر حيث وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 51.7 مليار دولار أميركي العام الماضي (193,87 مليار ريال)، مقارنة مع 10.3 مليارات دولار عام 2004، وقد تضاعف هذا الرقم أكثر من خمس مرات خلال 11 عاما. وما زالت المملكة تحافظ على مركزها كأكبر مزود للنفط الخام إلى الصين، حيث صدرت 49.67 مليون طن من النفط الخام في عام 2014. ويعتبر النفط والغاز الطبيعي من أهم ركائز العلاقات الاقتصادية بين الصين والمملكة، ورغم أن معدل النمو الاقتصادي الصيني في الفترة الأخيرة قد انخفض، إلا أن الصين استمرت بشراء كميات كبيرة من النفط الخام لملء خزاناتها الاحتياطية، وترغب المملكة في أن تحافظ الصين على مكانتها كأكبر بلد مستورد للنفط السعودي، في ظل تنوع الواردات الصينية من الطاقة وثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة. تطوير التعاون على صعيد التبادل بين شركات القطاع الخاص، يلاحظ تحقيق نتائج لافتة بين الشركات الصينية والسعودية، حيث أنشأت أرامكو مصفاة وشركة مبيعات للمنتجات النفطية، بالتعاون مع شركة سينوبك الصينية، إضافة إلى توقيع اتفاقية التعاون الإستراتيجي بين شركة هاربين للهندسة الكهربائية، وهي شركة صينية رائدة في مجال هندسة الطاقة الكهربائية، والشركة السعودية للطاقة الكهربائية وخدمة المياه في ديسمبر الماضي، بهدف تطوير أسواق الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا بصورة مشتركة. وتوصلت الشركتان إلى اتفاقية التعاون بشأن إنشاء أول محطة لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة تعمل بالفحم في منطقة الشرق الأوسط مع بلوغ سعة المولدات الكهربائية 1200 ميجاوات.
مشاركة :