الانفتاح المعرفي كشرط للتغيير الإيجابي - مـحمد بن علي المحمود

  • 2/13/2014
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

اليوم تُقدِّم وسائط المعرفة ذات البعد الجماهيري كَمَّا هائلا من المعلومات، ولكنها لا تقدم معرفة؛ لأن شروط المعرفة متضمنة في السياقات، لا في المعلومات، أي في النظام الذي يُفسر المعلومة ويُبرّرها، أي يتعقّلها في الواقع من حيث هو يمنحها المعنى كان القرن الثامن عشر كما وصفه توماس بين هو عصر العقل، وهو كما نعرف جميعا قرن التنوير الأوروبي. وكان فولتير رجل هذا العصر يؤكد قائلا: "اليقين هو حال منافٍ للعقل". والجمود هو نتاج اليقين، واليقين هو ابن الجهل؛ حتى وإن تراءى أنه ابن العلم، لأنه حينئذٍ سيكون ابن القراءة الواحدة المنغلقة على نوعها، ومن ثم المنغلقة على يقينها الوهمي الذي يتصور أنه أحاط بالحقيقية/ كل الحقيقة من أطرافها، بينما هو في أحسن أحواله لم يلمح إلا أشباحها من بعيد. لم ولن يكون طريق التغيير الإيجابي سهلا، لا من حيث استعصاء شروط الواقع ولا من حيث تأبّي شروط العقل؛ لأن العقل لا يشتغل تعقّلا إلا على خلفية فعاليات معرفية هائلة في مستويين: النوعي والكمي. والواقع الذي هو موضوع الفعل، لا تستجيب شروطه إلا لمن يفهمه (الفهم شرطه الأولي المعرفة العقلية) بقوانينه التي تتحدد من خلال الواقع ذاته، ويسعى لتغييره من خلال العمل على استثمار هذه القوانين وتطويعها؛ لتتحق الضمانة النسبية المتمثلة في التأكيد على أن ما نمارسه كفعل معرفي هو كذلك حقيقة (أي مشروط بنظام العقل وبنظام الواقع في آن)، ومن ثم فهو قادر على إحداث التغيير الإيجابي الذي هو الأمل الواعد؛ كيما نستطيع الانعتاق من قبضة أزمنة التخلف والانحطاط التي تُحاصرنا منذ قرون. طبعا، ليست العلاقة علاقة مطابقة بين شروط معقولية العقل وشروط تعقّل الواقع، ليست مباشرة، ولا متزامنة بالضرورة. صحيح أنها علاقة جدلية تفاعلية، ولكنها في جوهرها عملية معقدة، لا تسير على وتيرة واحدة، ولا في اتجاه واحد، ولا على قاعدة واحدة. ومن هنا فهي تركيبية، نسبية، تناقضية في كثير من الأحيان، بحيث لا تستوعبها إلا الكليات الفلسفية التي لا ترى في تبسيط الواقع إلا كارثة تُنذر بتدمير الواقع، كما هو الحال في تبسيط العقل. يقول ويل ديورانت: " أطول خط بين نقطتين في الفلسفة، كما في السياسة، الخط المستقيم". وذلك أن ما نراه مستقيما ليس مستقيما في الحقيقة، بل هو اختصار مخل يجتاوز كثيرا من الشروط التي تحكم مسيرة التعقّل في الفلسفة (وبدونها لا فلسفة!)، كما تحكم مسيرة الفعل الإيجابي في الواقع (وبدونها لا واقع يثري الوجود الإنساني). فالفلسفة كي تضمن صياغة الأنماط العليا للتفكير على أكمل وجه ممكن، لا بد أن تأخذ في الاعتبار كل صور التناقض والتنوع داخل نظام العقل، كما أن السياسة بطبيعتها تأخذ كثيرا من التفاصيل المتناقضة على محمل الجِدّ، وقد تبني عليها أحكاما وأفعالا سياسية، تبدو لعين المراقب من الخارج متحررة من الواجب/ الوضوح/ الخط المستقيم، وهي ذات العين التي تعمّم في السياق المعرفي/ الفلسفي الجزئي على الكلي الذي لا يقبل الاختصار، ومن ثم لا يقبل المباشرة ولا الخط المستقيم. كي نتطور، يجب أن نفعل أكثر؛ لنتجاوز ذواتنا/ واقعنا، ولكن ليس أي فعل هو الذي يجتاز بنا، بل هو تحديدا : الفعل الإيجابي. وكي نتوفر على أكبر قدر من الإيجابية في الفعل، يجب أن نتوفر على أكبر قدر من الفهم. والفهم كحالة وعي ذات طابع شمولي لا يتوفر بصورة مجانية، بل لا بد من القراءة/ القراءات التي تجمع بين النوعية والكمية، وذلك في سياق برنامج قرائي صارم، تتوسع دوائره تبعا لطبيعة الاهتمام. لا يمكن أن يحدث تغيير نوعي/ إيجابي في الواقع؛ ما لم يكن هناك تغيير نوعي/ إيجابي في العقل. وهذا التغيير النوعي في العقل لا تُوفره القراءات المبتسرة التي تريد أن تأخذ المعرفة (من حيث هي ممارسة عقلية شمولية) بعبثية، أي كما تأخذ المعلومة المجتزأة من سياقها الكتابي ومن سياقها المعرفي، بل ومن سياقها الجغرافي والتاريخي أحيانا. اليوم تُقدِّم وسائط المعرفة ذات البعد الجماهيري كَمَّا هائلا من المعلومات، ولكنها لا تقدم معرفة؛ لأن شروط المعرفة متضمنة في السياقات، لا في المعلومات، أي في النظام الذي يُفسر المعلومة ويُبرّرها، أي يتعقّلها في الواقع من حيث هو يمنحها المعنى. ولا شك أن استسهال المعرفة على هذا النحو العبثي الذي يُتاجر ماديا ومعنويا بالمعلومة المبعثرة هو سبب هذا الاستشراء للامعقول في سياق وعينا العام. إن الكتاب/ النص الذي يشتغل على سياق معرفي محدد، هو بالضرورة بُنيَة عقلية، وهذه ذات مضامين قد نتفق معها وقد نختلف، ولكنها في النهاية تبقى محاولة تعقّل للواقع من خلال تعقّل معطيات الواقع (= المعلومات) بانتظامها فيما ينتج معانيها في وجودها الكلي، الذي هو وجودها الواقعي؛ لأن المعلومة قبل أن تكون جزئية/ مُجتزأة/ مستقلة هي وجود منتظم في الواقع، بل تبقى وجودا منتظما في الواقع حتى بعد أن يجتزئها الفكر، ويضمن لها وجودها على مستوى الاستقلال العلاماتي (= انعكاساتها في نظام اللغة/ العلامات). ولا يعني اشتراط التعقل بالكتاب/ النص أن يُشترط نوع معين من الوسائط، كأن يكون ورقيا أو إلكترونيا، كما لا يشترط أن يكون بحجم معين، إذ المُهم أن يكون (نصا) يتوفر على شروط الاتساق الداخلي (= بُنية المعقولية )، وعلى شروط الاتساق الخارجي، سواء في سياق نظرية المعرفة العامة، أو في سياق الواقع العملي من حيث هو فعل معرفي مندرجة في صيرورة تاريخ. إذا كان القرن الثامن عشر الميلادي هو بالنسبة للغرب قرن التحوّل من زمن إلى زمن آخر مغاير/ مختلف، فما ذاك إلا لأنه القرن الذي تحررت فيه المعرفة من هيمنة الكهنوت بواسطة نضال المفكرين العظام الذين حاربوا هيمنة الكهنوت الانغلاقي الكنسي، حاربوه على أكثر من صعيد معرفي، بل وعلى مستوى الفعل الواقعي في كثير من الأحيان. كان القرن الثامن عشر هو قرن التغيير بحق؛ لأنه القرن المفصلي الذي تم فيه فتح مغاليق المعرفة، والفصل بين مرحلتين: مرحلة الماقبل وبعد المابعد، وذلك حين تحقق الخروج علانية (طبعا، من قبل ذلك كان ثمة خروج بين الحين والآخر، ولكنه خروج نادر ومعزول وخائف مستتر لا يقوى على المواجهة) على مشروعية الفكر الأحادي الذي تحتكر الكنيسة ورجالها مفهوم صوابيته، ولا ترى المعرفة خارج هذا الادعاء الصوابي إلا بوصفها جهلا وتشويها، أو هرطقة وإلحادا يستحق صاحبه أن يحرق بالنيران حيّا، جزاء له وردعا لأمثاله من الفلاسفة المهرطقين الضالين الذي يقترفون جريمة: الانفتاح المعرفي والتفكير الحر المستقل بلا قيود، إلا قيود العقل المفتوح على التنوع اللامحدود! كان رجال الكهنوت، ومن ورائهم طبقة النبلاء يدركون خطورة أي تغيير يحدث في مستوى الوعي؛ لأنهم يعرفون أنه في حقيقته تغيير في الواقع؛ ولو بعد حين. وبما أن الواقع قد تمَّ بناؤه على صورة تستجيب لشبكات الاستغلال التي يديرونها فيما بينهم، فإن أي تغيير في هذا الواقع يعني أن مصالحهم مهددة بالخطر المباشر. ومن هنا كان استبسالهم في سبيل الابقاء على واقع الجهالة، وإصرارهم المُتعنت على استمرار فعل التجهيل. لقد راهن الفلاسفة العظام، من ديكارت إلى فولتير، مرورا باسبينوزا، وجان جاك رسّو، وديدرو، وباسكال... إلخ المناضلين في سبيل إرساء قيم العقل، على العقل/ الوعي قبل أي شيء آخر، وقد كسبوا الرهان. ومن المهم التأكيد على أن سلاحهم في التغيير هو الكتاب أو المقال المطوّل الذي يتعمد برمجة الوعي، وليس المعلومة المجزأة المبتسرة التي كان من الممكن أن تنتشر بأي طريق كجمل عابرة في وعي عابر. ولهذا أخذ التيار المقابل لهؤلاء الفلاسفة يحارب الكتاب النوعي أشد ما تكون الحرب، فمرة يُصادر، ومرة يُحرق، ومرة يُحذّر ويُحرّم، ومرة يُهدد الناشر، وفي أحايين أخرى يُهدّد الكاتب بالقتل بأبشع صور القتل، أو أحيانا بما دون القتل من سجن، وتعذيب، ونفي، وفصل وظيفي... إلخ صور الاضطهاد التي كان يُراد منها الحد من انتشار المؤلفات الفكرية التي تنقض الرؤية التقليدية وتتسبب في انهيارها من أصولها، ومن ثم في انهيار الواقع التقليدي المبني على الاستغفال والاستغلال. المعرفة الحقة ليست ترفا، ليست عملا سهلا، ليست فعلا مُسالما، بل هي نضال عنيف ( بعنف/ قوة المعرفة طبعا) ضد كل جَهالة تتلبس الوعي، وضد كل ظلامة تتلبس الواقع. ومن هنا فهي ممارسة خطرة؛ لأنها إن كانت معرفة بحق ممارسة في التغيير النوعي الذي يعني تجاوز الراهن. ومعروف أن تجاوز الراهن لا يكون إلا بنقضه، ابتداء من نقضه كمُتَصوّر ذهني على مستوى الوعي/ البناء الرمزي، وانتهاء بتجريف الواقع، وإعادة بنائه من جديد على ضوء ما يقتضيه التصور المعرفي الجديد. إن أية معرفة تطمح إلى التغيير، لن تكون معرفة مختصرة/ مجتزأة، احتازها صاحبها بقراءة عشرين أو ثلاثين كتابا. هذه ليست أكثر من معرفة اطلاع وتسلية، لا تحرك ساكنا، بل ولا تسكّن متحركا. المعرفة التي تطمح للتغيير هي المعرفة التي تحاول في حدود الطاقة البشرية طبعا أن تستوعب الخطوط العريضة للمعرفة الإنسانية، وخاصة المعرفة التي تُعنى ب(الواقعة الإنسانية )، و ب(الواقع الإنساني) من حيث هو واقع مشروط بالتاريخ. يعرف كل مهموم بشؤون المعرفة أن استيعاب هذه الخطوط العريضة للمعرفة الإنسانية، والغرق في بعض تفاصيلها تبعا لدائرة الاهتمام، هو عمل يتجاوز قراءة الكتب بالعشرات أو بالمئات إلى القراءة بالآلاف. فهناك مئات الكتب التي يجب استعراضها واستيعاب مقولاتها الأساسية قبل ادعاء الوعي بمجالها/ موضوعها، خاصة وأن كل مجال/ موضوع له مجالات متاخمة لا يسع الجهل بها، بل يستلزم الأمر تدعيمها بقراءة محايثة لعشرات الكتب التي تخدم بعض جزئيات الاهتمام. أزمتنا هي في الجهل/ جهلنا الذي لا نريد الاعتراف به. وهذا الجهل ناتج بلاشك عن استسهال المعرفة، والاستهانة بالتقصي العلمي الذي يستلزم قراءة آلاف الصفحات في بعض التفاصيل حتى يستطيع الإنسان البت فيها برأي. فمثلا، تجد من يعتقد أنه يعرف كل شيء عن الشيعة والتشيع تاريخا وواقعا لمجرد أنه قرأ عشرة كتب أو حتى عشرين كتابا. والأشد كارثية أنها قد تكون كتبا تعكس وجهة نظر واحدة. ومع هذا يدعي صاحب هذه القراءة الهزيلة جدا أنه يستطيع إصدار شتى الأحكام المعرفية على تاريخ طويل يمتد بامتداد أربعة عشر قرنا، وعلى واقع إنساني يتجاوز عدده المئة وخمسين مليون نسمة، وكل ذلك من قراءة عشرين أو ثلاثين كتابا يستنسخ بعضها بعضا، كما هي العادة في الهجائيات المذهبية المبنية على ترديد الشعارات، أكثر مما هي مبنية على فحص المقولات، فضلا عن فحص علائقها الجدلية بالواقع قديما وحديثا، وهو الفحص الذي لا وجود له في مثل هذه الرؤى والتصورات التي لا تعدو أن تكون محض خيال. كذلك الحال فيمن يريد الحكم على تيارات أو جماعات أو أحزاب عريقة في تاريخها الممتد لعشرات السنين، ولها نِتاجها المكتوب الذي قد يتجاوز عدد المؤلفات منه خانة المئات إلى خانة الألوف، فضلا عن مئات الكتب التي كتبت عنها ولها، والتي تختلف في تقييمها تبعا لاختلاف وجهات النظر. فكيف يصدر أحدهم رأيه/ حكمه في مجال لم يقرأ فيه ما يتجاوز 1% من المنتج فيه على أفضل تقدير؟! إن انتكاسة ما يُسمى ب (الربيع العربي)، أو موجة الاحتجاجات الغاضبة؛ كما أسميها، ليست مستغربة إلا عند من يقرأها خارج أزمة الوعي الناتج عن الفقر المدقع في القراءة في عالمنا العربي. فمع أن هذه الاحتجاجات كانت ترفع شعارات الحرية والديمقراطية، إلا أنني، ومن خلال استماعي لتصريحات كثير من الذين قادوها بالفعل، أو الذين تصدوا لقيادتها، أجزم بأنهم لم يقرأوا في فلسفة الحرية، ولا في فلسفة الديمقراطية، ولا في مسألة مدنية الدولة، بل ولا في مفهوم الدولة أصلا، وأن قراءاتهم في هذه المحاور لا تتجاوز إن وجدت بضعة كتب، وأحيانا بضعة مقالات قد تشوه الموضوع وتربكه أكثر مما تضيئه وترسم معالمه. ولهذا كانت الاحتجاجات فعلا غاضبا تخبّط في ارتياد ما يعشقه من حرية وديمقراطية، إذ لم يكن بأي حال على وعي، لا بالحرية ولا بالديمقراطية ولا بشروطهما، لا في عالم الفكر ولا في عالم الواقع. ومن هنا كانت الانتكاسة بادية منذ البداية، حين بدا واضحا أن المحتجين لم يقطعوا مع رموز الاستبداد الكهنوتي، بل الأنكى أنهم استعانوا بهم، وقدموهم أحيانا كقادة! فلم يقطعوا حينئذٍ مع رموز الاستبداد السياسي حقيقية رغم ادعائهم أنهم قطعوا؛ لأنهم لم يقطعوا مع وعي الاستبداد الكامن في منطق الكهنوت. لن يحدث أي تغيير في عالمنا العربي في المستقبل القريب، لأننا إلى الآن لا تزال المعرفة القادرة على إحداث التغيير مُهَمّشة في عالمنا العربي الذي تُراوده أحلام الحرية والديمقراطية من أكثر من قرن ولا تزال. وهي أحلام لا يمكن أن تتحقق في مجتمعات غير معرفية، اي مجتمعات تقع المعرفة منها في أدنى سلم الاهتمامات، بدليل الكتاب لا يزال لديها أخطر من المسدس، فهو يخضع للحجب والمنع والتفتيش، بل ويخضع لما هو أخطر، حيث الازدراء عمليا به، هذا الازدراء الذي يتأكد واقعيا عندما يأتي الإنفاق عليه فرديا ومجتمعيا بتقشف ظاهر، مقارنة بالإنفاق الباذخ المبذر على (الأحذية) التي باتت تفوق قيمتها الشرائية أفضل كتاب، وربما تجاوزتها بأضعاف! نحن الآن مقبلون على معرض دولي للكتاب، لا يتكرر إلا مرة واحدة كل عام، ولكنه يأتي بلا دعاية شاملة، وبلا إعلان يوازي حجم الإعلان عن المنتجات الثانوية الترفيه التي باتت بفضل الضخ الإعلاني تحظى باهتمام الملايين. بل يحدث ما هو أعمق في الدلالة على مأساوية الواقع المعرفي، إذ تنشط الدعايات المناهضة للانفتاح النسبي في المعرض بأشد مما تنشط الدعاية الإيجابية للمعرض؛ لأن أعداء المعرفة/ أعداء التغيير يدركون حجم الأثر الذي تتركه القراءات النوعية على العقول، ومن ثم على الواقع، بأكثر من إدراك هُواة المعرفة لهذا الأثر. ولهذا لا ينشطون للدعاية له، بقدر نشاط التيار المناهض للمعرفة، على اعتبار أن الدعاية في تصورهم مجرد تجييش عاطفي، وأن المعرفة في موقعها الموقر لا تحتاج لمثل هذا التجييش، أي على افتراض أن عشاق المعرفة يعرفون قيمتها قبل أي أحد آخر. بينما الحقيقة أن عشاقها يحتاجون لمزيد من العشق الذي تخلقه أجواء الطرب الإعلاني، فضلا عن احتياج ذوي القلوب الخالية إلى من يوقعهم في شبكات الحب المعرفي ليكونوا شركاء في احتفالية الغرام أو الاستغرام. إن المعرفة بقدر ما هي فعل عقلي في الأساس، تحتاج في كل حالاتها لأجواء وجدانية تستحثها، أجواء تشعل جذوة الاهتمام كلما خفتت أو أوشكت على الخمود. من المهم خلق حالة حب وجدانية للمعرفة (بوسائل شتى، ومنها الوسيلة الإعلانية التي تخلق الانفعال بها) ؛ حتى ندخل بقوة في عالم المعرفة ونحتل موقعا في هذا العالم الذي لا نزال للأسف متطفلين عليه. وقديما قال الفيلسوف الألماني العظيم هيجل: "ليس هناك شيء عظيم حققه البشر دون وجد أو انفعال".

مشاركة :