بيان جنرال مقهى!! - مقالات

  • 8/31/2016
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أذكر أنني قرأت كتاباً اسمه «البجعة السوداء» ولقد كان كتاباً رائعاً ومسلياً حتى الصفحة التي وصلت إليها، ورغم أنني لم أكمله للنهاية ولا حتى إلى الوسط، إلا أنني سأمنح نفسي فرصة أن ألخصه لك عزيزي القارئ، ورغم أن هذا الشيء الذي سأمارسه معك اسمه (الوعي الزائف) إلا أنني واثق أنك لن تقف عند المصطلح كثيراً، لأنك رجل عملي لا تهمك المصطلحات بقدر ما يهمك الاستماع لما تتلقاه من جميع من هم حولك من مثقفين وخبراء ومحللين إستراتيجيين ومغردين على «تويتر» ونشطاء على «فيس بوك» أخبرونا وأخبروك أن هناك (غرفة عمليات مشتركة) وأن بشار سيبقى (كمرحلة انتقالية) وظهور أقاليم (ذاتية الحكم) في دول كانت متماسكة، ورغم ذلك فنحن لم نعر اهتماما بالمصطلحات. وحتى لا أطيل عليك، فإن فكرة كتاب «البجعة السوداء» هي أن البشرية بعوامها وخواصها كانت تعتقد أن جميع البجع الذي في العالم لونه أبيض، وقد توارثت البشرية هذا الاعتقاد والتعميم حتى تم اكتشاف استراليا وعندها اكتشفوا أن هناك بجعة (سوداء)، وينطلق الكاتب من هذه الحادثة البسيطة ليطرح أسئلة عدة غير بسيطة مثل كيف تظهر البجعة السوداء في حياتنا والتي تحطم اعتقاد وتنظير سنين طويلة؟، وكيف يمكن أن تهدم حادثة واحدة جميع محاولات البشرية للاستقراء ثم إطلاق التعاميم؟ إنه كتاب يحاول أن يصيب المنطق البشري والاستقرائي في مقتل... تماماً مثلما أصبنا جميعاً بالإحباط في استقرائنا للأحداث السورية الأخيرة. أما كيف تظهر البجعة السوداء في حياتنا، فهذا ما سأقدمه لك اليوم مجاناً ولله ثم للتاريخ، لعل وعسى أن يحرك ذلك شعرة في قفا كل أولئك الذين يدافعون عن من تسبب في كل هذا الهراء. فإذا شاهدت على التلفاز وزير خارجية إيران والذي أخذ وزير خارجية تركيا بالأحضان وكأنهما صديقان قديمان، ستعرف أن هذه الحادثة بجعة سوداء اخترقت كل التعاميم والاستقراءات التي أطلقها أنصار السياسة التركية في المنطقة، حيث إنهم لم يعودوا يفرقون بين السيد رجب والسيد حسن!!، حتى ان المعارضة السورية التي تسكن فنادق اسطنبول شعرت بالقلق على طريقة (بان كي مون) من هذه الأحضان الحارة. أما دخول روسيا لمنطقة «همدان» في لباس قاعدة عسكرية والتي لم يعلن عنها إلا أخيراً بسبب تسريب روسي وليس بسبب صدق إيراني، واستقبال إيران لروسيا بهذا الشكل الرخيص ما أفقد العمامة هيبتها، جعل أنصار الجمهورية الإسلامية الذين يبشرون بعظمة السياسة الإيرانية يعيشون حالة بجعة سوداء مزمنة، حيث اكتشفوا أن ممارسة السياسة الخارجية للجمهورية لا تختلف عن أقدم مهنة في التاريخ، إلا أن أقدم مهنة بالأموال، وهذه بالمجان. ولكي لا تنصدم من البجع الأسود الآتي علينا في المستقبل، فيبدو أن روسيا قد بدأت تحرك (ذيلها) في اليمن كما حركت (فكها) في سورية، فرغم أن بوتين اعترف بالشرعية في اليمن إلا أنه أشاع قبل أيام من خلال سفيره هناك أنه قادر على اللعب في هذه الساحة أيضاً. واعلم يا رعاك الله أن رفع علم لدولة كردستان في العراق وسورية على معدات أميركية، يعني أن حتى الكرد ستصبح لهم دولة على حساب العرب (غصبا عن التخين)، فهذه بجعة سوداء تجعل كل الذين يراهنون على أميركا يعيشون حالة أسوأ من حالة (جنرالات المقاهي) الذين يجلسون على كراسي الإفتاء عندما تنهزم الجيوش، وبالأمس فقط تمت ترقيتي مع اثنين من أصدقائي إلى (جنرال أول مقهى). واسمح لي عزيزي القارئ أن أصدر أول بيان إفتائي يليق بجنرال مقهى محلي: بما أننا في الخليج لا يميزنا شيء سوى البترول، وبما أن تركيا ليست من المريخ وإيران ليست من الزهرة، ولكنهما من كوكب الأرض حيث يبحثان عن مصالحهما، وطالما أن (حنفية ) البترول الليبي والسوري والعراقي مفتوحة بالمجان أحياناً، وبالسلاح أحياناً أخرى ما أثر على أسعار بترولنا في الداخل، فيجب على دول الخليج مجتمعة أن تعمل بكل ما أوتيت من براميل ومضخات في اتجاه مصلحتها ومصلحة شعوبها فقط، وعلينا أن نعلم أننا لا نملك حلفاء أوفياء ولا أعداء دائمين... فيا ليتنا نسكر دكاكين الدعم الخارجي ونلتفت للدعم الداخلي، ولا داعي للمراهنة على أحد سواء قبعة الساحر الأميركي أو سيف الخليفة العثماني، فقد قال الشاعر يوما: كلا الأخوين ضراط ولكن شهاب الدين أضرط من أخيه كما أنه من السخيف الوثوق في ملالي إيران أو عصابات روسيا،لأن (عنبر أخو بلال). ولأننا في الخليج أكثر الناس على مائدتنا (أرز) سياسي، فيجب أن تكون لنا كلمة في ظل هذه الأوضاع بحكم الموائد التي تستنزف كل براميلنا، وإلا سنصبح كومبارس نستمتع بفقرة الساحر بصمت، ثم يأتي علينا الدور... وعندها سيمتلئ الخليج بـ (جنرالات المقاهي والدواوين)!! لذلك اسمحوا لي أن أقول لكم بصوت ماركس وإنجلز: يا حكام الخليج... اتحدوا بصدق. **** صح مطبعي: السياسي الشريف مثل اللص الشريف... لا وجود له. كاتب كويتي moh1alatwan@

مشاركة :