أنظار المستثمرين الكويتيين تتجه للخارج مع أفول نجم قطاع العقارات المحلي

  • 8/31/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بعد أن ظل لعقود المتنفس الرئيسي للمستثمرين في الكويت، يمر القطاع العقاري بموجة ركود مؤلمة دفعت الباحثين عن فرص استثمارية مغرية لتوجيه أنظارهم صوب الأسواق الخارجية. وأشار تقرير صادر عن بيت التمويل الكويتي مؤخرا إلى أن حركة بيع وشراء العقارات فقدت في الربع الثاني من العام الحالي نحو %31 من قيمتها مقارنة بالفترة المقابلة من 2015. وقال التقرير إن قيمة عمليات البيع والشراء انخفضت في القطاع الاستثماري الذي يمثل وحدات الإقامة للوافدين عادة بنسبة %45 وفي القطاع السكني الذي يغلب المواطنون على سكانه بنسبة %31. ويبلغ عدد السكان في الكويت 4.36 مليون نسمة منهم 1.33 مليون مواطن وثلاثة ملايين من الوافدين العرب والأجانب وذلك طبقا لأرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية. وأظهر التقرير أنه «منذ الربع الثاني من عام 2014 بدأت حالة التراجع في ستة أرباع (فصول) في القطاع الاستثماري وفي خمسة أرباع للعقار السكني». عوامل الهبوط أسباب عديدة تقف وراء هذه الموجة الجديدة من التراجع في أسعار العقارات من أهمها هبوط أسعار النفط العالمية وما صاحبه من توجه حكومي نحو التقشف أثر سلبا على قطاعات عديدة في المجتمع. هناك أيضا إجراءات فرضها بنك الكويت المركزي منذ 2013 قلصت قدرة الأفراد على الحصول على تمويل من أجل شراء العقار بالإضافة إلى التوترات السياسية والأمنية في المنطقة. وفي أبريل الماضي أقر البرلمان الكويتي تشريعا يسمح فيه للحكومة بزيادة أسعار الكهرباء والماء على الوافدين والشركات التجارية بشكل أساسي. كما وافق مجلس الوزراء الكويتي في أول أغسطس الجاري على رفع أسعار البنزين بنسب تصل إلى %83 للبنزين عالي الجودة اعتبارا من أول سبتمبر. وتعتمد الكويت عضو منظمة أوبك على إيرادات النفط في تمويل أكثر من %90 من ميزانيتها العامة. وتضررت الكويت بشدة جراء هبوط أسعار الخام من 115 دولارا للبرميل قبل أكثر من سنتين إلى نحو 40 دولارا في الوقت الحالي. ويقول خبراء إن الهبوط في السوق العقارية سيكون أكبر خلال العامين المقبلين لاسيَّما بعد أن تدخل السياسات الجديدة لخفض الدعم حيز التنفيذ وهو ما سيجبر أعدادا لا بأس بها من الوافدين على الرحيل أو على الأقل إعادة عائلاتهم إلى بلدانهم والبقاء في الكويت بأقل كلفة ممكنة. وقال قيس الغانم أمين سر اتحاد العقاريين بالكويت لرويترز إن هبوط القطاع العقاري ينعكس الآن في أسعار العقارات وفي الأراضي وفي إيرادات هذه العقارات. وأضاف الغانم «اليوم الوافد صارت حسبته مختلفة، الوافد المصري على سبيل المثال عندما يحسب سعر الدينار مقارنة بالجنيه سيجد أنه من الأوفر له أن يرسل أسرته (لبلده)، لأن التكاليف صارت عليه عالية، هذه كلها عوامل مؤثرة على عملية العرض والطلب على العقار». وأضاف أنه يتوقع أن تكون هناك ضغوط على الطلب تؤدي لهبوط الأسعار ومن ثم تقليل قيم العقارات مشيراً إلى أن كثيرا من العقارات الاستثمارية هي بالأساس مرهونة لبنوك مقابل قروض حصل عليها مالكوها. وقال «بيعت أراض بأسعار فيها خصومات وصلت حتى %30 في مناطق حيوية، في منطقة حولي، هذا معناه أن الأمور بدأت تأخذ منحى الانحدار». وارتفعت أسعار العقار خلال الفترة الماضية بشكل كبير بسبب هجرة الاستثمارات من البورصة التي تراجعت كثيرا منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 وبسبب تدني العائد على ودائع البنوك. وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة الكويتية من مستوى 15668 نقطة في 25 يونيو 2008 إلى أن وصل إلى 5425 نقطة حاليا. ويبلغ سعر الفائدة الرسمي حاليا بالكويت %2.25. وقال إيهاب عبدالحكيم حمودة نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في شركة رمال الكويت العقارية إن التراجع في قيم العقارات وإيجاراتها يشمل كل المناطق وليس منطقة بعينها «وهو مرتبط بالحالة العامة للاقتصاد الكويتي» الذي يشهد تراجعا منذ فترة بالتزامن مع هبوط أسعار النفط. وتوقع عبدالحكيم مزيدا من التراجع للعقار قائلا «الفترة القريبة القادمة ستكون الأمور أسوأ بكثير، لا أعتقد أن الأمور سوف تستقيم كثيرا». وقال عبدالحكيم إن المستثمر «يريد أن يتأكد أن العائد يأتي بشكل منتظم وأن الدخول في المشاريع بعيد عن المخاطرة ويريد أن تكون البيئة فيها أمان ودعم أكبر وهذا كله غير وارد في الوقت الحالي في الكويت». وقال خالد الريحان الخبير العقاري إن هبوط أسعار النفط أدى إلى تراجع سرعة المشاريع الحكومية والخاصة على حد سواء وهو ما أثر سلبا على مجمل النشاط الاقتصادي سواء بتأثير فعلي في بعض القطاعات أو تأثير نفسي في قطاعات أخرى. وأضاف الريحان أن عائد العقار الاستثماري أصبح حاليا في حدود خمسة في المئة سنويا في حين أن عائد البنوك في حدود اثنين في المئة وكلاهما لا يعتبر عائدا جاذبا للمستثمر. قواعد وقيود وقال مصدر في بيت التمويل الكويتي لرويترز مشترطا عدم الكشف عن اسمه إن هناك انخفاضا في قيمة العقارات وانخفاضا في حجم السيولة المتجهة للقطاع العقاري وهناك انخفاض أيضا في التداولات العقارية لكن «الأمر لم يصل بعد للقيمة الإيجارية». وأضاف المصدر أن القيود التي فرضها بنك الكويت المركزي على التمويل العقاري في السنوات الماضية أدت إلى تراجع عمليات تداول العقار لاسيَّما تخفيض نسبة القرض أو التمويل العقاري الذي يمكن أن يحصل عليه المواطن من %75 من قيمة العقار إلى %50 فقط. وفرض بنك الكويت المركزي منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية عدة قواعد على التمويل الموجه للقطاع العقاري للحد من المضاربات التي أدت لارتفاع كبير في الأسعار. وأضاف مصدر بيت التمويل الكويتي أن كثيرا من ملاك العقارات الاستثمارية عليهم التزامات تجاه البنوك وهو ما يحد من قدرتهم على تحمل وضع الركود. وقال الغانم إن انخفاض العقار الاستثماري سينتقل بالضرورة إلى باقي أنواع العقار لأن المستثمر سيلجأ إلى تسييل بعض محافظه من أجل الوفاء بالتزاماته تجاه البنوك «وهو ما سيسبب ربكة في السوق». التطلع للخارج وفي ظل هذا التراجع يفضل كثير من المستثمرين البحث عن فرص في الخارج لاسيَّما في ظل الهبوط المستمر للبورصة ومحدودية الاستثمار في القطاعات الأخرى. واعتبر الخبير العقاري الريحان أن غالبية المستثمرين سيفضلون التوجه باستثماراتهم نحو «دول أكثر أمانا واستقرارا مثل بريطانيا وأميركا» لكنه حذر من أن الفرص العقارية في الخارج تعتبر ذات مخاطر عالية أيضا. إلا أن سليمان الدليجان الخبير العقاري الكويتي يرى أن العقار ورغم ما لحق به من هبوط لا يزال يمثل «ملاذا آمنا» للمستثمر الكويتي لأنه يمنحه في حدود سبعة إلى% 8 عائدا على رأس المال في وقت تشهد فيه سوق الأسهم هبوطا مطردا وفي ظل ضعف العائد على ودائع البنوك وغياب الاستثمار الزراعي والصناعي تقريبا. وقال الدليجان إن اتجاه المستثمرين الكويتيين للخارج بدأ بالفعل منذ سنوات مشيراً إلى أن أحد المظاهر الرئيسية لهذا الخروج هو كثرة المعارض العقارية التي تروج لعقارات خارج البلاد والتي تصل إلى أكثر من عشرة معارض سنويا. وأضاف الدليجان أن الذين يتجهون للاستثمار العقاري في الخارج هم أصحاب رؤوس الأموال الضعيفة وهؤلاء يتجهون بشكل أساسي نحو تركيا وباقي دول مجلس التعاون الخليجي.;

مشاركة :