يمر القطاع العقاري في الكويت بركود حاد، بعدما ظل لعقود المتنفس الرئيس للمستثمرين، ما دفع الباحثين عن فرص استثمار مغرية إلى توجيه أنــظارهم صوب الأسواق الخارجية. وأشار تقرير لـ «بيت التمويل الكويتي»، إلى أن «حركة بيع العقارات وشرائها، فقدت نحو 31 في المئة من قيمتها في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بالفترة المقابلة من 2015». وأوضح أن قيمة عمليات البيع والشراء «انخفضت في القطاع الاستثماري الذي يمثل وحدات الإقامة للوافدين عادة بنسبة 45 في المئة، وفي القطاع السكني الذي يغلب المواطنون على سكانه بنسبة 31 في المئة». ويبلغ عدد السكان في الكويت 4.36 مليون شخص، منهم 1.33 مليون مواطن وثلاثة ملايين من الوافدين العرب والأجانب، استناداً إلى أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية. ويُعزى التراجع في أسعار العقارات إلى أسباب كثيرة، من أهمها هبوط أسعار النفط العالمية وما صاحبه من توجه حكومي نحو التقشف. تُضاف إلى ذلك إجراءات يفرضها مصرف الكويت المركزي منذ العام 2013، قلصت قدرة الأفراد على الحصول على تمويل لشراء عقارات، فضلاً عن التوترات السياسية والأمنية في المنطقة. وكان البرلمان الكويتي أقرّ تشريعاً يسمح بموجبه للحكومة، بزيادة أسعار الكهرباء والماء على الوافدين والشركات التجارية في شكل أساس. كما وافق مجلس الوزراء الكويتي في 1 آب (أغسطس) الجاري، على رفع أسعار البنزين بنسب تصل إلى 83 في المئة للبنزين العالي الجودة اعتباراً من 1 أيلول (سبتمبر) المقبل. وتعتمد الكويت، العضو في منظمة «أوبك»، على إيرادات النفط في تمويل أكثر من 90 في المئة من موازنتها العامة. وتضررت بشدة من هبوط أسعار الخام من 115 دولاراً للبرميل قبل أكثر من سنتين، إلى نحو 40 دولاراً حالياً. وقال أمين سر اتحاد العقاريين في الكويت قيس الغانم، لوكالة «رويترز»، إن هبوط القطاع العقاري «ينعكس الآن على أسعار العقارات والأراضي وعلى إيرادات هذه العقارات». واعتبر أن «حساب الوافد بات مختلفاً اليوم، وعلى سبيل المثل، عندما يحسب الوافد المصري سعر الدينار مقارنة بالجنيه سيجد أن من الأوفر له إرسال أسرته إلى مصر، لأن التكاليف صارت عليه عالية، وتُعتبر هذه عوامل مؤثرة في عملية العرض والطلب في قطاع العقارات». ولم يستبعد حصول «ضغوط على الطلب تؤدي إلى تدني الأسعار ومن ثم خفض قيم العقارات»، مشيراً إلى أن «عقارات استثمارية كثيرة هي في الأساس مرهونة لمصارف في مقابل قروض حصل عليها مالكوها». وقال: «بيعت أراض بحسوم وصلت حتى 30 في المئة في مناطق حيوية، ما يعني أن الأمور بدأت تأخذ منحى الانحدار». ولاحظ نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي في شركة «رمال الكويت» العقارية، إيهاب عبدالحكيم حمودة، أن «انخفاض قيم العقارات وإيجاراتها يشمل كل المناطق، والأمر مرتبط بالحالة العامة للاقتصاد الكويتي، الذي يشهد تراجعاً منذ فترة بالتزامن مع هبوط أسعار النفط». ورجح «مزيداً من التراجع في أسعار العقارات، وستكون الأمور أسوأ بكثير في الفترة القريبة المقبلة، ولا أعتقد أنها ستستقيم كثيراً». وأعلن الخبير العقاري خالد الريحان، أن هبوط أسعار النفط «أدى إلى تراجع سرعة المشاريع الحكومية والخاصة، ما أثر سلباً في النشاط الاقتصادي سواء بتأثير فعلي في بعض القطاعات أو بتأثير نفسي في قطاعات أخرى». ولفت إلى أن عائد العقار الاستثماري «أصبح حالياً في حدود خمسة في المئة سنوياً، في حين أن عائد المصارف في حدود 2 في المئة، وكــلاهــما لا يُعتبر عائداً جاذباً للمستثمر». وقال مصدر في بيت التمويل الكويتي لـ«رويترز»، إن القيود التي فرضها مصرف الكويت المركزي على التمويل العقاري في السنوات الماضية، أفضت إلى تراجع عمليات تداول العقار، لا سيما خفض نسبة القرض أو التمويل العقاري، الذي يمكن المواطن الحصول عليه من 75 في المئة من قيمة العقار إلى 50 في المئة فقط». وأوضح الغانم أن تراجع العقار الاستثماري «سينتقل بالضرورة إلى بقية أنواع العقار، لأن المستثمر سيلجأ إلى تسييل بعض محافظه للوفاء بالتزاماته تجاه المصارف». وفي ظل هذا التراجع، يفضل مستثمرون كثر البحث عن فرص في الخارج، لا سيما في ظل الهبوط المستمر للبورصة ومحدودية الاستثمار في القطاعات الأخرى. ورأى الريحان أن غالبية المستثمرين «سيفضلون التوجه باستثماراتهم نحو دول أكثر أماناً واستقراراً مثل بريطانيا وأميركا»، محذراً من أن الفرص العقارية في الخارج «تعتبر ذات أخطار عالية أيضاً». لكن الخبير العقاري الكويتي سليمان الدليجان، أكد أن العقار «لا يزال يمثل ملاذاً آمناً للمستثمر الكويتي، على رغم ما لحق به من هبوط لأنه يمنحه في حدود سبعة إلى ثمانية في المئة عائداً على رأس المال، في وقت تشهد سوق الأسهم هبوطاً مطرداً، وفي ظل ضعف العائد على ودائع المصارف وغياب الاستثمار الزراعي والصناعي تقريبا». وقال: «الذين يتجهون للاستثمار العقاري في الخارج هم أصحاب رؤوس الأموال الضعيفة، وهؤلاء يتجهون في شكل أساس نحو تركيا وبقية دول مجلس التعاون الخليجي».
مشاركة :