داخل صفحات كتاب «حول العالم في 200 يوم»، والصادر طبعته الأولى في العام 1963، يحكي الكاتب أنيس منصور عن مختلف المواقف التي مر خلال خلال تجوله خارج البلاد، وكان الأبرز منها ما حدث في أندونيسيا. بعد وصول منصور إلى مطار «جاكرتا» بأندونيسيا لم يستطع أن يجد وسيلة تقلّه إلى أقرب فندق بالعاصمة، لكنه فوجئ بشخص يناديه لأن يركب معه سيارته، فيقول: «في هذه الأثناء ظهر لي رجل كنت هززت له رأسي في الطائرة.. وجاء ودعاني إلى السيارة التي ستقله إلى الفندق». وجلس منصور على المقعد الخلفي بجوار هذا الرجل، والذي انتابته السعادة الغامرة عقب أن تعرف على جنسيته، فيسرد: «لما عرف أنني مصري رأيت السعادة على وجهه، واعتدل في جلسته ليبدي لي إعجابه». وتوقع منصور أن يبلغه هذا الرجل بسبب إعجابه بمصر وأهلها، إلا أنه لم يقل ما اعتقده كاتبنا، والذي أردف: «لا عرف أهرامات ولا لاحظ وجه الشبه بين أنفه المطبق وأنف أبي الهول، ولا بين جلسته الآن على المقعد وبين الكاتب المصري الجالس القرفصاء». وجاءت المفاجأة عقب بدء الرجل حديثه، والذي قال: «لقد رأيت سامية جمال»، وهو ما أثار استغراب منصور، خصوصًا أن هذا الشخص لم يسافر إلى مصر أو أن سامية لم تذهب لأندونيسيا، ليوضح قصده: «رأيتها في أحد الأفلام». ويصف منصور المشهد بقوله: «من حركة شفتيه أدركت طعم سامية جمال في فمه، ومن بريق عينيه أدركت انعكاس ساقيها اللامعتين.. ومن اهتزازه في مقعده». ويسرد منصور أن الحكومة هناك منعت أفلام سامية جمال المثيرة، كما أن الرقابة تحذف مشاهد رقصها هي وتحية كاريوكا، وسبب ذلك هو اعتقادهم بأن عرض مثل هذه الأشياء يصدم الشعور العام في أندونيسيا، وأكمل: «الناس يعتقدون أن كل ما تصدره مصر هو أفلام دينية وتفسيرات لكتاب الله، وإذا ظهرت هذه الرقصات فإن الجمهور لا يعرف أين يضعها بين آيات الله».
مشاركة :