قال الشاعر : أما العتاب فبالأحبة أخلق والحب يصلح بالعتاب ويصدق المثل العربي يقول (العتب على قدر المحبة) وﻻ يختلف اثنان على أن الشعب المصري من أكثر شعوب الأرض حبا لبلده مصر ويتغنى ويتشدق بحبها ومستعد للتضحية من أجلها بالغالي والنفيس وهو الذي سطر أروع البطوﻻت وأشجعها في الثورة على نظامين يحكمان مصر في خلال سنتين لأنه شعر أن مصر مختطفة من أنظمة تعمل من أجل مصالحها الخاصة وليس من أجل مصلحة الشعب المصري . إن ثورة 30 يونيو هي تفويض الشعب المصري للرئيس عبدالفتاح السيسي لقيادة مصر في هذه الفترة الخطرة وتخليصها من حكم الإخوان وكان العشم أن يوفر للشعب المصري حياة كريمة وذلك بتوفير فرص العمل وتحسين المستوى المعيشي للمصريين ولكن بعد مرور ثلاث سنوات على فترة حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي كانت الإنجازات مخيبة للآمال ودون مستوى الطموحات . يحدثني صديق مصري أن هناك استياء شعبي من سياسات الحكومة وطريقة معالجتها للأمور فقد كانت الاصلاحات اﻻقتصادية على حساب أغلبية الشعب المصري الذي يعاني من ضائقة وأزمة مالية خانقة . أضاف الصديق المصري أن هناك شعور بالإحباط بسبب تدهور الوضع المعيشي رغم المساعدات الضخمة التي قدمتها دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة التي تقدر بعشرات المليارات وأيضا قرض البنك الدولي الذي حصلت عليه مصر مؤخرا والذي يقدر بـ 12 مليار دوﻻر إﻻ أن الوضع المعيشي يزداد تفاقما مع ترنح وانخفاض قيمة الجنيه مما أدى إلى تضخم وغلاء في الأسعار. إن الحكومة المصرية رفعت الدعم عن المشتقات النفطية ومن أهمها البنزين مما رفع أسعار المواد الغذائية بشكل جنوني ﻻيطاق والرواتب كما هي وإن زادت فالزيادة طفيفة ﻻتسمن وﻻ تغني من جوع . من الأمثلة التي ضربها الصديق المصري أن فاتورة الكهرباء تضاعفت عدة مرات فهو مثلا كان يدفع شهريا مئة جنيه مصري واليوم وصلت الفاتورة إلى 700 جنيه فكيف يتحمل أصحاب الرواتب المتدنية التي ﻻتزيد عن ألف جنيه هذه الزيادة في فاتورة الكهرباء ناهيك عن الفواتير الأخرى وهناك مؤشرات على أن الحكومة سوف تفرض رسوما وضرائب جديدة حتى تستطيع أن تسدد ماعليها من ديون خارجية وخاصة القرض الأخير لصندوق النقد الدولي. هناك قضية أخرى طرحها هذا المواطن المصري وهي انتشار الفساد المالي والإداري بشكل غير مسبوق فلا يمكن إنهاء أي معاملة إﻻ بدفع المقسوم وهو شبه ما يحدث في مصر اليوم بمن يبني بيتا من عشرة أدوار ولكنه من غير أساس متين لأن الفساد ينخر في الأجهزة الحكومية في غياب مكافحة حقيقية لهذا الفساد إﻻ ماندر حين تفوح الرائحة بقوة وتزكم الأنوف كما حدث مؤخرا في وزارة الزراعة وكذلك وزارة التموين مما أدى إلى الإطاحة بوزراء تلك الوزرارتين وسجن وزير الزراعة وبقاء الوضع بهذه الطريقة سوف يؤدي حتما إلى انفجار الشارع المصري من جديد وهو الأمر الذي ﻻيتمناه أحد لأنه سوف يؤدي إلى تداعيات خطيرة. هناك استياء شعبي من الزيادات المستمرة في رواتب المؤسسة العسكرية وﻻ أحد يقلل من أهمية دور هذه المؤسسة في المحافظة على أمن واستقرار مصر ومكافحة الإرهاب وشطب تنظيم الإخوان المسلمين من المعادلة السياسية فمثلا تمت زيادة العسكريين 4 مرات مما جعل الفجوة كبيرة بين رواتب العسكريين ورواتب بقية الموظفين . هناك مثل يقول (أهل مكة أدرى بشعابها) وما ذكرته هي وجهة نظر مواطن مصري يعيش في الكويت ليس له علاقة بتنظيم الإخوان من قريب أو بعيد حتى ﻻيقال إن ماطرحه من هموم في الشارع المصري هي تجني وتضخيم وتشويه للنظام وليس حقيقة وأنا شخصيا من أشد المعجبين بشخصية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وأسلوب حكمه وحرصه على المال العام وتنمية مصر ويشهد على ذلك افتتاح تفريعة قناة السويس ومشاريع الإسكان والطرق والطاقة وتسليح الجيش المصري بأحدث الأسلحة وﻻيختلف اثنان على نزاهته ونظافة يده ولكنه ورث تركة ثقيلة وﻻيمكن علاج القضايا المزمنة في مصر إﻻ بسياسة شد الأحزمة وتوفير موارد جديدة من خلال إجراءات تقشفية واقتصادية قاسية تحتاج إلى تضحيات وصبر من الشعب المصري . إن الرئيس المصري والحكومة المصرية يواصلون الليل بالنهار لإنقاذ مصر من أزمتها اﻻقتصادية الخانقة ولكن العمليات الإرهابية ضربت اﻻقتصاد المصري في الصميم وخاصة قطاع السياحة واﻻستثمار. إن قوة مصر هي قوة للعالم العربي والإسلامي ولو أني شخصيا لدي ملاحظات على السياسة الخارجية المصرية خاصة من قضية حرب اليمن والحرب الدائرة في سوريا فالموقف المصري يتبع سياسة النأي بالنفس وهو موقف سلبي لأن مصر دائما كانت تقود الأمة العربية وهي اليوم غائبة عن الساحة خوفا من التورط في حروب خارجية ولهذا نأمل أن تعيد القيادة المصرية النظر في سياستها الخارجية لأن الحرب في اليمن وفي سوريا تقف وراءهما إيران التي تشكل خطرا حقيقيا لدول الخليج التي هي حليف استراتيجي لمصر واليوم تتعرض الأراضي السعودية للصواريخ الإيرانية والعشم في الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن ينفذ جملته الشهيرة إن أمن دول الخليج جزء من أمن مصر وأن لو حصل أي تهديد لدول الخليج فتدخل مصر سيكون حتميا ومسافة السكة !!. ختاما نقول حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وعلى الشعب المصري ان يتحلى بالصبر لأنه هناك تحديات أمنية واقتصادية كبيرة يواجهها النظام المصري وقد بقيت سنة على اﻻنتخابات الرئاسية التي تجري كل 4 سنوات ويستطيع الشعب المصري أن يختار من خلال اﻻنتخابات رئيسا جديدا أو يجدد الثقة بالرئيس السيسي وكذلك يستطيع أن يختار ممثليه في مجلس الشعب الذين يحاسبون الرئيس والحكومة ويراقبون أداءها فالشعب مصدر السلطات وكما قال الإمام علي كرم الله وجهه (كما تكونوا يولى عليكم). أحمد بودستور
مشاركة :