منبر الحرمين للحجاج: تمسَّكوا بالوسطية وابتعدوا عن الغلو والدعوات الطائفية والسياسية

  • 9/3/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حشود كبيرة من المصلين شهدت صلاة الجمعة أمس (الشرق) مكة المكرمة، المدينة المنورة الشرق أدى ضيوف الرحمن أمس في المسجد الحرام، آخر صلاة جمعة في شهر ذي القعدة، وسط منظومة متكاملة من الخدمات التي وفرتها أجهزة الدولة المعنية بخدمة حجاج بيت الله، في أجواء روحانية سادها الأمن والأمان والراحة والاستقرار، في ظل رعاية شاملة حرصت القطاعات الحكومية والأهلية على توفيرها، إنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة من مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل لتحقيق وتوفير سبل الراحة لقاصدي بيت الله الحرام، وتمكينهم من أداء نسكهم بكل يسر وأمان. إلى ذلك أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور ماهر المعيقلي في خطبته على أهمية التقيد بوصايا رسول الله -صلى الله عليه سلم- في حجة الوداع بالتمسك بالوسطية والاعتدال والابتعاد عن الغلو في الدين. فلا مكان للشعارات الطائفية، وَلَا للدَّعَوَاتِ السِّيَاسِيَّةِ، فَمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالبيتِ، وَلَا رَمي الجِمارِ، وَلَا الوقوفُ بِعَرفةَ، وَلَا المبيتُ بمُزدَلِفَةَ، وَلَا السَّعْيُ بينَ الصَّفَا والمرْوَةِ، إِلَّا لِذِكْرِ اللهِ وَحْدَه لَا شَرِيكَ لَهُ. عن ابن عَباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ «الْقُطْ لِي حَصى» فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَات، هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ «أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ، فَارْمُوا» ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ». وأفاد أنه بِسَبَبِ الْغُلُوِّ سُفِكَتِ الدَّمَاءُ، وَاعْتُدِيَ عَلَى الْأَمْوَالِ وَالْأَعْرَاضِ، وَقَدْ عَظَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذَلِكَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَفِي الصَّحِيحَينِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ، قَالَ: «أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْم هَذَا؟»، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «أَيُّ شَهْر هَذَا؟»، قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ «أَلَيْسَ ذُو الحَجَّةِ؟»، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ «أَيُّ بَلَد هَذَا؟» قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ «أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الحَرَامِ؟» قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَام، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟»، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغ أَوْعَى مِنْ سَامِع، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّاراً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْض»، وَرَأَى صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عُمَرَ، يُزَاحِمُ عَلَى الحَجَرِ، قَالَ: «يَا عُمَرُ إِنَّكَ رَجُل قَوِيّ لَا تُزَاحِمْ عَلَى الْحَجَرِ، فَتُؤْذِيَ الضَّعِيفَ، إِنْ وَجَدْتَ خَلْوَة فَاسْتَلِمْهُ، وَإِلَّا فَاسْتَقْبِلْهُ فَهَلِّلْ وَكَبِّرْ». وعدّد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي المبادئ التي جاء بها الإسلام لحفظ النفس البشرية وصيانتها، ومنع التعدّي على الحرمات وانتهاكها، مورداً وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع، مسهبا في ذكر الفضائل الجمّة لأيام العشر من ذي الحجة، وما يشرع فيها من أعمال للحاج وغير الحاج. وبيّن في خطبته أن هذه مبادئ خالدة لحقوق الإنسان فلصيانة الدماء. قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة يَا أُولِي الأَلْبَابِ) ولصيانة الأموال. قال تعالى: «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا»، ولصيانة الأعراض قال سبحانه (والزانية وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِد مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة)، هذا لغير المحصن أما المحصن فعقوبته الرجم حتى الموت. ولفت إلى أن مما يشرع تكبير الله وتعظيمه، فالتكبير المطلق يكون في جميع الأوقات من ليل أو نهار، أما التكبير المقيّد فإنه يكون بعد الصلاة المكتوبة التي تصلّى في جماعة، ويبدأ لغير الحاج من فجر يوم عرفة، وللحاج من ظهر يوم النحر، ويستمر إلى صلاة عصر آخر أيام التشريق، كما تشرع الأضحية، فمن أراد أن يضحّي ودخل شهر ذي الحجة، فلا يأخذ شيئا من شعره أو أظفاره حتى يذبح أضحيته، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحّي فليمسك عن شعره وأظفاره».

مشاركة :