شدد الدكتور عبد الرحمن السديس، الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي إمام وخطيب المسجد الحرام، على أن الحج ليس مجالاً للشعارات السياسية أو الدعوات العنصرية والحزبية والطائفية، مشيرًا إلى أن الجهود التي تبذلها السعودية في خدمة الحرمين الشريفين لا تترك مجالاً للمزايدين، أو الحاسدين والحاقدين، كونها ظاهرة للجميع. وفي ما يتعلق بتشكيك قيادات دينية إيرانية في قدرة السعودية على إدارة الحج والتقليل من جهودها، أوضح السديس أن الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، رد على سؤال مشابه أول من أمس، بعد رعايته الحفل الاستعراضي للقوات الأمنية المشاركة في مهمة حج هذا العام، وقال حينها أن السعودية تقوم بخدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام بكل كفاءة واقتدار، وبما لا يجعل مجالاً للمزايدين أو الحاسدين والحاقدين، كون المشاهد والمستمع والحاج الذي يأتي من كل مكان ومن كل فج عميق يرى ما ينعم به الحجاج والمعتمرون من منظومة خدمات متكاملة. واستغرب السديس خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مشاركته في ندوة الحج الكبرى في مكة المكرمة أمس، الادعاءات الإيرانية وأهدافها، مطالبًا بسؤال الإيرانيين عن أهداف تصريحاتهم. ولفت إلى أن الحج ليس مجالاً للشعارات السياسية، ولا للدعوات التفريقية والعنصرية والحزبية والطائفية، وإنما الحج رسالة سلام وأمن ومحبة ووئام، وحوار وتعايش بين المسلمين جميعًا، ينقل للعالم. وتابع: «ديننا دين الوسطية والاعتدال والتسامح والتعايش والرحمة والرفق». وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: «الإسلام حارب الإرهاب، وحارب الطائفية، وحرص على جمع كلمة المسلمين، وجعل من المسلمين دعاة خير وأمن وسلام للعالم أجمع، ولهذا يجب ألا تفرقنا تلك الدعوات إلى سفك الدماء، وإلى العنف والإرهاب، أو الدعوات المقابلة للطائفية في تفريق كلمة المسلمين، وتفتيت صفهم إلى جماعات». وأشار إلى أن الحج فريضة تجتمع به كلمة المسلمين، حيث لا مجال في الحج لأي دعوة عنصرية أو تفريق بين المسلمين، وإنما هو اجتماع على الكتاب والسنة، وأداء المناسك دون أي شعارات سياسية، حيث لا يعرف إلا شعار التوحيد والتلبية. وأضاف السديس: «ما أحوجنا اليوم لجمع الكلمة، وأن نجعل من موسم الحج تعاونًا على البر والتقوى، واجتماعًا لكلمة المسلمين، وبعدًا عن الطائفية والعصبية، واستثمار موسم الحج على أنه رسالة محبة ورمز سلام ووئام وأمن للعالمين جميعًا». وطالب الجميع بإحياء روح العمل بروح الفريق الواحد، واليد الواحدة في خدمة حجاج بيت الله الحرام وكل المسلمين على اختلاف تخصصاتهم، العالم بعلمه، والداعية بدعوته، ورجال الإعلام، بنقل الكلمة والحرف الصادق المؤتمن الذي ينشر الحقيقة، ويدفع المزايدات التي ترد على موسم الحج، وزرع الثقة بالله أولاً، وبولاة أمرنا، ثم بأنفسهم في أننا نعيش على الحق والخير، ولا يهمنا كل من يحاول أن يؤثر في هذه السمعة المباركة في مزايدات وشائعات مغرضة، لا تخدم سوى العدو المتربص». وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: «في هذا اليوم الذي ترنو فيه الأبصار إلى بيت الله الحرام يجد ضيوف الرحمن كل الخدمات من خلال المنظومة المتكاملة في الحرمين الشريفين وقاصديهما، ولعل أول ما يشاهده الحاج والمعتمر والزائر تلك التوسعات العظمى التاريخية والاستثنائية في الحرمين الشريفين لا سيما في الحرم المكي الشريف المتمثلة في التوسعة السعودية الثالثة، والتي سيستفيد منها الحجاج من خلال توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد، وولي ولي العهد، ومتابعة مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، حيث سيستفيد الحجاج من كامل مباني التوسعة التي ستفتح بنسبة 100 في المائة». ولفت السديس إلى أن الحجاج سيستفيدون هذا العام أيضًا من التوسعة الكبرى للمطاف التي تنقل المطاف إلى ضعفي مساحته الأولى، فهو يتسع الآن لـ107 آلاف طائف في الساعة، في نقلة عظيمة نوعية تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين، والاستفادة من كامل توسعة المسعى. وذكر أن الحاج سيجد كذلك منظومة خدمات أخرى، منها تخصيص الرئاسة العامة لشؤون الحرمين 15 ألف شخص لخدمة ضيوف الرحمن وقاصدي البيت الله الحرام، إضافة إلى أن الحاج سيجد بغيته في السؤال والإرشاد والتوجيه من قبل المدرسين والعلماء والمرشدين الموجودين في الحرمين الشريفين، وفي المشاعر المقدسة، إذا أشكل عليه شيء في المناسك، وكلها تؤكد وسطية الإسلام واعتداله، وتؤكد الاعتصام بالكتاب والسنة، وتلاحم المسلمين ووحدتهم في هذه المناسبات العظيمة. وأشار إلى الجهود الخدمية التي سيجدها الحاج في الحرمين الشريفين، ومنها خدمة سقيا زمزم والعربات، إلى جانب برامج منها «حملة خدمة الحاج والزائر وسام شرف لنا» في عامها الرابع، والتي اشتملت على عدد من البرامج، منها «برنامج مليون سلام للحجاج الكرام»، و«ابتسامة وابتهاج في وجه كل حاج»، و«مصحف لكل حاج»، إلى جانب تقديم كتيب لكل حاج بلغته، وعبوة زمزم لكل حاج، وقبل ذلك تلك الروح الوثابة والهمم الطموحة من أبناء مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأبناء الرئاسة ووزارة الحج ووزارة الشؤون الإسلامية، ورجال الأمن البواسل الذين يعملون فريقًا واحدًا ومنظومة واحدة في خدمة حجاج بيت الله الحرام. وتطرق السديس إلى أن مشروعات استثمار التقنية ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الذكية في الحج ومكة ذكية هي رسالة للعالم، بأن هذا ديننا، وأنه لا يمانع كل التطورات والقفزات الحضارية التي يقدم بها الإسلام اليوم بقالب قشيب، بعد أن شوّه بحركات وجماعات الإرهاب والطائفية التي تريد حتى أن تستغل الحج في مزايدات وملاسنات وشعارات تخرج به عن منهجه في الهدي النبوي. ودعا المسلمين وجميع حجاج بيت الله الحرام، إلى إدراك تلك الجهود المباركة والخدمات العظيمة التي تقدم في الحرمين الشريفين، وخدمة قاصديهما في كل المجالات ومنظومة الخدمات كافة، وأن يكونوا للدولة عونًا في أن يكون الحج موسمًا متميزًا متألقًا، تحفه الأمن والأمانة والسلامة والمحبة والوئام. وشدد على أهمية وسائل الإعلام، مطالبًا بأمانة الكلمة بالمصداقية وبالموضوعية في صناعة الحرف بمهنية واحترافية، لمواجهة سراديب الظلام من وسائل إعلام وخفافيش الظلام الذين يبثون عبر مواقع التواصل سمومهم وحقدهم على هذه البلاد وقاصديها، رغم أن ذلك لن يضيرها. وأضاف السديس: «نرفع الصوت بأننا واثقون بفضل الله، ثم بجهود هذه الدولة في حفظ أمن وأمان الحجاج والمعتمرين، ولا مكان للمزايدين أبدًا، فنحن نعمل بكل ثقة، ثقة أولاً بالله رب هذا البيت ورب حافظ هذا البيت، وضيوفه، وعباده الذين يأتون لهذا البيت. ثم بعد ما سخرته هذه الدولة»، لافتًا إلى أن كل حاج هو رجل أمن وسلام، يحافظ على أمن بيت الله الحرام، ومسجد المصطفى عليه الصلاة والسلام.