ما شاهدته! - ندى الطاسان

  • 2/15/2014
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

أشعر أن ذهني خال من الأفكار، أغض عيني محاولة أن أمسك بفكرة هاربة لكنني أجد ذهني مجهداً من العمل ومن أحداث الحياة اليومية يختزل مشاهد يومي الكثيرة، جزء من هذه المشاهد مشعة منتعشة بنور الشمس وجزء منها يحمل إزعاج أبواق السيارات في الزحام. سأشارككم أحد المشاهد، في مكتب خدمات يعمل به أشخاص من جنسيات مختلفة، جلس أحدهم بمظهره الوقور يستقبل المراجعين، منهم شيخ كبير، بيده ورقة ورقم ملفه يقول الرجل الكبير في السن:" هذه الورقة فيها المعلومات والرقم" ليرد الموظف بصوت عال وهو يتأفف متذمراً أعطني الرقم؟ يجيب الشيخ وهو يناوله الورقة: نظري ضعيف لا أستطيع قراءتها، ليرتفع صوت الموظف:"حتى أنا أرتدي النظارة" وينهر الرجل بدون أن يحترم سنه ولا حاجته وبدون أن يتذكر أن وظيفته التي يتقاضى عليها راتباً تستدعي أن يخدم هذا الشيخ وأمثاله. في المكتب المقابل شاب صغير من جنسية غير عربية يقوم بنفس العمل، جاءه شخص آخر، بتساؤلات كثيرة وأوراق متراكمة فوضوية لا يعرف أيها يحتاج لإنهاء طلبه، دار الحوار بينهما بكلمات عربية مكسرة لكنها مفهومة وابتسامات متبادلة، الشاب الصغير قام بترتيب أوراق العميل وتوجيهه للمكان المناسب لإكمال إجراءاته ومساعدته بكل أدب، رغم حاجز اللغة. المشهد بكل تفاصيله المتناقضة كان مشهداً واحداً في مكان واحد لم تفصل بين أحداثه سوى دقائق. لخص لي كمتأمل معنى الشعور الإنساني، مفهوم المسؤولية والإحساس بالآخرين، وكلاهما موظف أحدهما يكمل قواسم مشتركة مع العميل أولها اللغة والآخر غريب لغته مختلفة لكن الغريب كان أكثر أخلاقاً وإنسانية في التعامل مع العميل أو المراجع لهذا المكتب وكان أكثر إحساساً بمسؤوليته الوظيفية وواجباته. ليس لديّ تعليق سوى أن الجانب الأول من المشهد عكّر مزاجي بينما أعاد لي الجانب الآخر من المشهد شيئاً من صفاء الذهن والراحة. والسؤال إذا كنا نؤدي عملاً يقتضي الاحتكاك اليومي بالناس والتعامل معهم أليس من الأولى أن نتدرب على طريقة مهنية ومؤدبة في التعامل؟

مشاركة :