روسيا لا تعترف بأي سلطة باليمن سوى الحكومة الشرعية، لكن المؤكد أن القوة الكبرى في العالم في كل زمان ومكان ستبقى في حاجة إلى الخونة ممن لديهم الاستعداد للبيع والشراء في السياسة النفعية الرخيصة يصبح كل شيء قابلا للبيع أو للإيجار، ولهذا تتم صفقات البيع والشراء لكل المبادئ الأخلاقية والضمائر النظيفة والدين والأعراف. طبعاً هذا الكلام يصحُ استثناءً على الدمى المصنوعة والتي تتولى القوى الكبرى المهيمنة تسليمها مقاليد التصرف والسلطة في هذا العالم، ومن خلالها يتم التحكم في مصائر الشعوب المغلوبة على أمرها. هكذا تتم صناعة قادة الميليشيات والمنظمات الإرهابية، وكذلك الحال مع بعض من يقفزون إلى سدة الحكم من على ظهر الدبابة ليصبح أحدهم في لحظة فارقة هو الآمر الناهي وليجثم فوق صدر البلاد عقوداً يهدر خلالها مقدرات الوطن في حروب عبثية أو يتولى تصدير ثوراته بثروات الشعب. إليك إيران وكيف تمددت وتدخلت فيما حولها بحجة تصدير الثورة، وكانت البلاد العربية قبل ثورة الخميني مسخرة معظم جهودها للتنمية إلى جانب مساندة القضية الفلسطينية، لكن ذلك كله قد أصبح شيئاً من الماضي بعد العبث الإيراني في لبنان ثم العراق ثم سورية ثم اليمن، وقد استطاعت إيران ذلك كله من خلال خلق جيوب لها داخل هذه البلاد فاشترت ضمائر وذمم وكلائها هناك فجعلتهم ينوبون عنها ويتصدرون الواجهة فيما هي تديرهم من وراء ستار، لكنه واضح وشفاف. ولم تكتف إيران بأن تشتري أو تستأجر بعض المعاونين لها في سورية ولبنان والعراق واليمن، بل إنها قد عمدت مؤخراً إلى تأجير بعض قواعدها لروسيا، حيث تقلع من تلك المنصات الطائرات والراجمات الروسية التي تقذف حممها على حلب وغيرها من المدن السورية، وبالتالي وفي نخاسة واضحة أصبح البيع والتأجير يتمان علانية دون وازع أو رادع أخلاقي. ليس هذا فحسب، فها هو أحد العملاء الآخرين يعرض على روسيا ويدعوها في مقابلة أجريت معه في صنعاء على قناة روسيا 24 المملوكة للدولة بقوله إن اليمن مستعد لمنح موسكو حرية استخدام قواعد جوية وبحرية، ويضيف هذا الصنيعة الذي يدعى المسخ علي عبدالله صالح: نحن نمد أيدينا ونقدم كافة التسهيلات في قواعدنا ومطاراتنا وموانئنا ونحن جاهزون لتقديم كل التسهيلات لروسيا الاتحادية. هذا مع أن علي عبدالله صالح، كما هو معلوم، يفتقد للنفوذ اللازم لتنفيذ هذا العرض. ولا يكتسب في دعوته أي صفة رسمية أو شرعية، لكن الخيانة التي تجري في عروقه وتجعله يتودد إلى روسيا، وهو يعلم أن ذلك أكبر شيء يمكن أن يحققه كورقة تفاوضية لكسب سلامته الشخصية عندما تحتدم الأمور وتصل النار إلى أطراف قدميه. جدير بالأمر أن روسيا لا تعترف بأي سلطة باليمن سوى الحكومة الشرعية، لكن المؤكد هو أن القوة الكبرى في العالم في كل زمان ومكان ستبقى في حاجة إلى الخونة ممن لديهم الاستعداد للبيع والشراء والتكسب في حقل السياسة وخدمة مصالحهم الشخصية على حساب مواطنتهم أو على حساب الدين والأخلاق والحال من هذه النخاسة والعبودية كذلك يبدو ظاهراً على طريقة لبس وفد من الميليشيات اليمني الذي يزور بغداد وبيروت ودمشق، فقط دقق في صورة أفراد الوفد وهم يلتقون إبراهيم الجعفري، فجميعهم يلبس البدلة الإفرنجية دون ربطة العنق مع لحية خفيفة، وهذا هو السمت والهوية الإيرانية التي يظهر بها دائماً المسؤول الإيراني في الملتقيات الرسمية، وأعني العارضين الخفيفين وعدم لبس الكرفتة. وهذا في حد ذاته يمثل المسخ بكافة أشكاله وتذويب الهوية اليمنية العربية في أكناف الهوية الإيرانية، وهذا هو التمثيل الحقيقي للخيانة والارتهان لسوق البيع والشراء والتحول من هوية لأخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مشاركة :