صراحة واس : أكد منتدى الرياض الاقتصادي أن التوجه لاستغلال قدرات المملكة في مجالات (الطاقة البديلة والمتجددة) بات أمرا استراتيجيا يكتسب أهميته من حاجة المملكة المستقبلية لضمان استمرارية وأمن إمدادات الطاقة على المدى الطويل، مبينا أن ما يدعم هذه الرؤية استمرار الارتفاع في الطلب العالمي على الطاقة بسبب النمو الاقتصادي. وكان منتدى الرياض الاقتصادي قد بادر في دورته السابعة إلى إعداد دراسة اقتصاديات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة : التحديات وآفاق المستقبل، التي أطرت توصياتها لنظرة استشرافية مستقبلية للاستفادة من الموارد المتاحة لتطوير قطاع مستدام للطاقة البديلة والمتجددة، وهى رؤية استباقية دفع بها المنتدى لتحقيق أهدافه لاستدامة التنمية، و شكلت في ذات الوقت بعدا استراتيجياً مهماً في (رؤية المملكة 2030م) التي تستهدف إضافة (9.5) جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي بحلول العام (2023م) كمرحلة أولى، وتوطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في الاقتصاد الوطني. وما يميز هذه الدراسة اهتمامها بتقديم حلول لمسألة استدامة قطاع الطاقة بالتركيز على الدور الذي يمكن ان يؤديه قطاع الطاقة البديلة والمتجددة في هذا الجانب، و تقدم استقراء للواقع في المملكة استناداً على خلفية قوة النمو الاقتصادي والسكاني وما ينتج عنه من توقعات بزيادة استهلاك الطاقة بمعدلات مرتفعة تصل إلى 4.4% سنوياً حتى عام 2035م بما يعادل 350 مليون طن مكافئ نفط في السنة وذلك في ظل اعتماد الطلب المحلي للطاقة بنسبة 100% على الوقود الأحفوري. وترى الدراسة أن هذا الوضع يفرض ضغطًا كبيرًا على عائدات التصدير للمملكة، كما أن تلبية الطلب المرتفع في قطاعي الكهرباء والمياه على وجه الخصوص يتطلب التزامات استثمارية كبيرة لتوسيع وتحديث البنية التحتية لقطاع الكهرباء والمياه، إضافة إلى أن أسعار الوقود الأحفوري المنخفضة وتعريفات الاستهلاك للمشترك النهائي لا تدعم ترشيد الطاقة من قبل المستهلك النهائي، بل تزيد من تفاقم قضية عدم الاستدامة في قطاعي الكهرباء والمياه في المملكة. ووفقا لدراسة منتدى الرياض الاقتصادي تشير إحصاءات استهلاك الوقود المستخدم لإنتاج الكهرباء في المملكة انه يبلغ (1.6) مليون برميل من النفط المكافئ يومياً لإنتاج 60 ألف ميجاوات من الكهرباء في 2012م، وإذا ما تضاعف الطلب على الكهرباء الى (120ألف ميجاوات) بحلول 2020م ، فهذا يعني مضاعفة الاستهلاك ليصبح نحو 3.2 مليون برميل من النفط المكافئ يومياً، وهو معدل كبير للاستهلاك يتطلب البحث عن بدائل اقتصادية. وترى الدراسة أن هناك حاجة ملحة بالنسبة للمملكة لحل مسألة استدامة قطاع الطاقة، مبينة أن تطوير قطاعي الطاقة البديلة والمتجددة يعدُ هدفاً استراتيجياُ لتحقيق هذه الاستدامة، كما انهما سيسهمان بدرجة كبيرة في توفير فرص للتنمية الاقتصادية من خلال إنشاء قطاع صناعي وخدمي واعدين من سلاسل القيمة وتوفير فرص عمل لشباب وشابات المملكة، كما ترى أن تطوير الطاقة البديلة والمتجددة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة لم يعد مجرد اقتراح بل اصبح أولوية استراتيجية للمملكة. ولم تغفل الدراسة الاتجاهات العالمية المستخدمة في تقنيات الطاقة البديلة والمتجددة، وتناولتها بسرد مفصل من حيث التقييم والنوع و الاستخدام وتوفر الامكانيات، معتبرة ذلك منطلقا لرصد وتقييم تقنيات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة ، وترى أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية والحرارية المركزة وطاقة الرياح هي خيارات سهلة وبسيطة من حيث التطبيق في المملكة، واعتماداً على مصادر هذه الطاقة وتدني مخاطرها المحسوسة ، موصية بضرورة تطوير هذه التقنيات على المدى القصير بأطر اقتصادية مستهدفة مع تقديم آليات تحفيزية لجذب مساهمة القطاع الخاص. وبالنسبة إلى تقنيات الطاقة البديلة والمتجددة الأخرى مثل طاقة الكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضية فترى أنه يجب اعتبارها فرص طويلة المدى، بسبب قلة نضجها التقني وقلة إمكانيات مواردها و/أو الفهم غير الكافي لإمكانياتها الفنية في المملكة ، كما ترى أن نشر استخدام الطاقة البديلة (النووية) سيؤدي إلى تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة في المملكة، إلا أن التكاليف الرأسمالية العالية والمدى الزمني الطويل للمشروعات النووية والمخاطر تقلل من الجاذبية التجارية لمشاركة القطاع الخاص. وتشير الدراسة الى أن المملكة تحتاج لأن تعتمد أفضل ممارسات التخطيط المتكامل للموارد لإن أنظمتها للطاقة ستصبح أكثر تعقيدًا من خلال اعتماد الطاقة البديلة والمتجددة، مع دعوتها لإنشاء لجنة استشارية لجمع المدخلات تضم شركاء العمل من جميع القطاعات ذات الصلة والعمل على تقييم جميع خيارات الإمداد التي تتضمن الموارد التقليدية وتقنيات الطاقة البديلة والمتجددة والتقنيات المستقبلية ،وكذلك خيارات تجارة الكهرباء البينية إقليميًا. كما توضح الدراسة أن تقنيات الشبكة الذكية تساعد على تكامل الطاقة البديلة والمتجددة بكفاءة أعلى حيث ترى أنه ينبغي إدراج مدخلات استراتيجية الشبكة الذكية للمملكة في عملية التخطيط المتكامل للموارد. وتؤكد الدراسة وجود العديد من العقبات السوقية أمام مشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة ، ولتذليل تلك العقبات دعت إلى ضرورة صياغة أطر اقتصادية قوية وجيدة التصميم لتحفيز مشاركة القطاع الخاص بكفاءة على أن يتم إعداد هذه الأطر وفقًا للتقنيات المستهدفة وبما يتماشى مع استخدامات المستهلك النهائي. وفيما يختص بالتطبيقات ذات السعة الكبيرة توصي دراسة منتدى الرياض الاقتصادي باعتماد نظام المنافسات من خلال طرح عطاءات تنافسية في المرحلة الأولية لنشر الاستخدام ويتبعها نظام التعريفة التفضيلية لإمدادات الطاقة مصحوبة بأولوية الوصول بالشبكة والإرسال ، مما يضمن مراقبة أفضل لجودة المشروع ومعرفة الأسعار بشكل أفضل في السنوات الأولية لنشر استخدام الطاقة المتجددة ومشاركة أوسع في السنوات اللاحقة من النشر. كما أوصت في هذا الجانب بإعداد آليات للتحفيز من أجل تقليل تكاليف رأس المال المدفوعة مقدمًا من خلال استثمارات حكومية مباشرة وقروض وآليات بديلة لضمان القروض. وحول نشر استخدام تطبيقات الأسطح/ذات السعة المحدود فإن التعريفة التفضيلية لإمدادات الطاقة ترى أنها هي الإطار الاقتصادي الأنسب، حيث تذلل عقبات الدخول وتدعم مشاركةً أوسع للشركات ذات السعة المحدودة، إضافة لبساطة التصميم والإدارة والتطبيق. وحول صناعة الطاقة البديلة (الطاقة النووية) ترى انها منظومة معقدة تتطلب قدرات تقنية والتزامات رأسمالية كبيرة، حيث أن الزمن الأطول للسداد والقواعد الصارمة للسلامة ومنع التسرب الإشعاعي يزيدان من التكلفة والتعقيد ويزيدان من عقبات الدخول أمام القطاع الخاص ، وتوضح إن رغبة المملكة في تعزيز مشاركة القطاع الخاص في صناعة الطاقة النووية تُحتم الحاجة إلى وضع أطر اقتصادية لدعم للمنشآت النووية الجديدة وتشغيلها وصيانتها . واقترحت مجموعة من الأطر الاقتصادية لتحفيز مشاركة القطاع الخاص في قطاع الطاقة البديلة والمتجددة، مؤكدة انه لتنفيذ هذه الأطر يتعين اتخاذ مبادرات استراتيجية مهمة تضمن تعزيز وتوطين سلسلة القيمة الخاصة بالطاقة البديلة والمتجددة في المملكة من حيث سلسلة الإمداد، ورأس المال البشري، وتطوير التقنيات في هذا القطاع . وقالت الدارسة إنه لتطوير هذا القطاع فلابد من تحديد مبادرات لاستدامة قطاع الطاقة في المملكة،ولتحقيق ذلك أوصت بتبني مجموعة من المبادرات عبر 3 محاور، الأول يتعلق بالبدء في نشر استخدام الطاقة البديلة والمتجددة، وحددت الدراسة (7) مبادرات تهدف إلى بناء الطلب السوقي ببدء نشر مشروعات الطاقة البديلة والمتجددة في المملكة، والمحور الثاني اهتم بتوضيح كيفية بناء سلسة القيمة للطاقة البديلة والمتجددة وتم تحديد (3) مبادرات في إطاره تشير جميعها إلى أنه بمجرد بدء نشر الاستخدام واكتمال الطلب السوقي ستكون منظومة أعمال المملكة قادرة على تقديم ما يلبي هذا الطلب من خلال تقديم منتجات وخدمات على طراز عالمي عبر سلسلة القيمة. وخصص المحور الثالث لتحديد كيفية بناء نظام مستدام للطاقة، وتهدف المبادرات إلى إنشاء اقتصاديات طاقة مستدامة في المملكة، وتشمل تلك المبادرات إدارة دعم الطاقة، والتخطيط المتكامل للموارد ، وتكامل الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.
مشاركة :