بعد أن منَّ اللهُ على حجَّاج بيته العتيق بسلامة الوصول للأراضي المقدَّسة، واكتملت أعدادهم في أمِّ القرى -زادها اللهُ رفعةً وتشريفًا- ومن ثمَّ الاستعداد للصعود غدًا -السبت- الثامن من شهر ذي الحجَّة إلى مشعر «مِنى»؛ لقضاء يوم التروية، اقتداءً بالمصطفى -صلَّى اللهُ عليه وسلم- ومن ثمَّ الصعود إلى عرفات الله؛ ليشهدوا يومًا عظيمًا مشهودًا من أيام حياتهم، حيث تتساوى الأشكال، والأجناس، والأعراق، كلّهم في لباسٍ واحدٍ، واقفين على صعيدٍ واحدٍ، لا فضلَ لعربيٍّ علَى أعجميٍّ، ولا أبيضَ علَى أسودَ، ولا لغنيٍّ على فقيرٍ، ولا سيَّدٍ على أجيرٍ، كلهم سواء، ولسان حالهم جميعًا يلهج بالدعاء إلى الله: «لبيكَ اللهمَّ لبيك، لبيكَ لا شريكَ لكَ لبيك، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لكَ والمُلك، لا شريكَ لَك»، نعم هذا يوم سعدهم، وتقربهم إلى الله، طالبين العفو والمغفرة من ربٍّ غفورٍ رحيمٍ في هذا اليوم العظيم. إنَّ الجهود الجبَّارة التي تبذلها حكومتنا الرشيدة، والأجهزة المختلفة التي تعمل ليل نهار في أشهر الحج لا يُنكرها إلاَّ حاقد أو حاسد، بل إنَّ معظم أجهزة الدولة تعمل على مدار العام استعدادًا لهذه الأيام المباركة، وكلّها جهود مُسخَّرة لخدمة الحجَّاج، والعناية بهم منذ قدومهم للأراضي المقدَّسة حتَّى مغادرتهم لها، والعودة إلى أهلهم وديارهم غانمين سالمين، بما حققوه من إنجازاتٍ عظيمةٍ خلال رحلتهم الإيمانيَّة بعد أن لبُّوا الدعوة، وأدُّوا النسك؛ مرضاةً لله ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام. إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -أيّده الله- بعد أنْ منَّ اللهُ عليه بهذه المسؤوليَّة العظيمة، حرص بأن يكون -شخصيًّا- مشرفًا عامًّا على شؤون الحج، والعناية بالحجيج -بعد عناية الله تعالى- لضمان سلامة الجميع، وأن تُقدَّم لهم كل الخدمات والتسهيلات فور وصولهم للمملكة، حتَّى مغادرة آخر حاج لأراضيه، ولا يهنأ بال ملكنا -حفظه الله- حتّى مغادرة آخر حاج لأراضينا المقدَّسة، حاملين معهم أحلى الذكريات عن أجمل الأيام التي قضوها في رحاب البيت العتيق، والمشاعر المقدسة، وعن الأيام الخالدة في طيبة الطيبة بجوار المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، حيث الروحانيَّة البالغة، والطمأنينة العظيمة، مزدانة بالتشرُّف بالسلام على سيدنا رسول الله، والصلاة في مسجده الشريف، الذي تعدل الصلاة فيه ألف صلاة فيما سواه. هنيئًا لحجَّاج بيت الله الحرام بوجودهم في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وهنيئًا لكل من قام وسعى وأسهم في خدمة الحجيج وزوَّار بيت الله الحرام، وسهَّل أمورهم، وحقَّق أمنياتهم؛ طلبًا للأجر والثواب من الله. واللهمَّ اخذل كلَّ مَن أراد حجَّاج بيتك العتيق بسوء، واجعل تدميره في تدبيره، وأنزل عليه عقوبتك وعذابك الأليم، واحفظ اللهمَّ حجَّاج بيتك الحرام من كل سوء، إنَّك وليُّ ذلك، والقادرُ عليه. mdoaan@hotmail.com
مشاركة :