الله سبحانه وتعالى يباهي بأهل عرفة أهل السماء، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء).. رواه أحمد وهو صحيح. والله عز في علاه يُكثر العتق من النار في يوم عرفة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة).. رواه مسلم في الصحيح. ومن المؤكد الذي لا شك فيه أن الواقفين بعرفة يتبعون دين الاسلام، وملة سيدنا إبراهيم عليه السلام، وتعاليم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومذاهبهم مختلفة، فمنهم السلفي والأشعري والحنبلي والشافعي والحنفي والمالكي والصوفي والشيعي المنصف المعتدل غير المُتَّهِم للسيدة عائشة رضي الله عنها ببهتانٍ عظيم، ولا ساب ومفسق لأفضل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم وقوف بعرفات، والله بمشيئته وعد الواقفون بها بغفرانٍ عظيم، ووعدهم بالعتق من النار، ومشروط على المسلمين عدم الكفر والتكفير للغير. ويظهر علينا اليوم من أهل بعض المذاهب وقياداتهم من يُكفِّر ويُفسِّق غيره من أصحاب المذاهب الأخرى، وإنني أتحدى واحدًا من هؤلاء المُكفِّرين لبعضهم البعض الذين حبط عملهم لتكفيرهم غيرهم، أن يتجرَّأ ويتعالى على الله -عز في علاه- ويقول: إن أحدًا من أصحاب المذاهب المختلفة لن يغفر الله له مع وقوفه بعرفة، ولن يعتقه الله من النار، لأنه صاحب مذهب كذا أو كذا، وقد أخبرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ألا يتجرأ أحدٌ بالحكم على غيره. ما نراه اليوم من تشتت شمل المسلمين بتكفير البعض للآخرين، وإخراجهم من دائرة السنة والجماعة، لهو أمر مهيل مهين للأمة الإسلامية أجمع، وعامة المسلمين ليسوا في حاجة للمهاترات على حساب الدين والإسلام، كفانا ضعف ومهانة، وتأخُّر علمي وعملي. والعبد وربه وطرق عبادته له هو حر فيها، والمسائل الفقهية علينا طرحها بكل شفافية، وطرح جميع الآراء الفقهية المعتبرة، ولا مانع أن يقول العالِم: أنا أُرجِّح رأي على رأي، على أن لا يُلزم مَن يدعوهم برأيه، وبهذا نتخلَّص من تفسيق وتبديع بعضنا البعض، وكثير منَّا يتعالى على الله ويُجزم أنه هو الذي على حق وغيره على باطل، والخوف الخوف من هذا التعالي على الرب الكريم.. نسأل الله العافية. وما اتكالي إلا على الله، ولا أطلب أجرًا من أحدٍ سواه. oalhazmi@Gmail.com
مشاركة :