يصادف نشر هذا المقال يوم عيد الأضحى المبارك، لذا يطيب لي أن أهنئكم وأتمنى للأمة العربية كل خير، ويصادف هذا اليوم المبارك ذكرى مرور عقد من الزمن على إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل عشرة أعوام، حيث سلمت آنذاك القوات الأمريكية صدام حسين للحكومة العراقية، خشية منها في الوقوع في جدل قانوني في أمريكا كونه أسير حرب. إعدام صدام حسين تلا غزو العراق بثلاث سنوات، تحت ذريعة حيازة نظام البعث العراقي لأسلحة دمار شامل، وأتى الغزو بعد أعوام من الحصار للعراق، والأسوأ فيما حصل للعراق هو تزامن الغزو مع تسليم مقدرات هذا البلد العربي لإيران، والذي طالما كان مطمعا لإيران وبواباتها الرئيسية للسيطرة على عدة مناطق عربية. كان اقتطاع أراض من العراق هدفا للشاه وأصبح بشكل أكثر فجاجة مع حكم الملالي، الذين أعلنوا منذ اليوم الأول رفض الالتزام بما جاء في اتفاقية الجزائر، الموقعة بين الرئيس صدام حسين والشاه محمد رضا بهلوي (مارس 1975)، كان ابتلاع العراق هدفا دينيا للسيطرة على النجف، وبالتالي تسييس المرجعية على ما تود إيران توجيه الشيعة العرب نحوه، بالإضافة للأهمية الاقتصادية كبلد النهرين وأحد أكبر الدول في مخزون النفط. وفي مرحلة ما قبل حرب الثماني سنوات، كانت إيران تردد شعار أن طريق القدس يمر من بغداد، وهي نفس الرؤية الجغرافية لحلفاء إيران اليوم، حيث يرى نصر الله أن طريق القدس يمر من القصير، ويرى بشار الأسد وباقي الميليشيات المتحالفة معه اليوم، أن طريق القدس يمر على أنقاض أطفال حلب. اليوم العراق أقل ما يقال عنه أنه مختطف بشكل كامل إيرانيا، إذ بقيت العراق الدولة الشاذة عن الإجماع العربي، وآخرها تحفظها منفردة على بيان الجامعة العربية ضد تصريحات خامنئي، التي هاجمت السعودية بمناسبة الحج وغياب الحجاج الإيرانيين، وهو موقف تكرر حين اتفق أغلب العرب في الجامعة على التنديد بممارسات حزب الله الإرهابية. بل وأصبح التدخل الإيراني مؤسسيا عبر تعيين الجنرال قاسم سليماني مستشارا لرئيس الوزراء، وعبر تشكيل الحشد الشعبي الطائفي ذي الولاء المطلق لإيران، والذي أصبح اليوم أقوى من الجيش العراقي، الذي أثبت مع دخول داعش للعراق أن المليارات التي صرفت عليه، كانت ثقبا أسود يذهب بالأموال لأرصدة نوري المالكي وزمرته. وعندما نعود إلى التاريخ نحتاج لمصارحة حول أخطائنا، إذ كان غزو الكويت خطأ جسيما من قِبل صدام حسين، أدى لإنقسام عربي وانعكس على العراق بالحصار الذي ساعد على سقوط الجيش العراقي في 2003، كما أن الغياب العربي عن العراق بعدها كان خطأ من جهة أخرى، وأثبتت التجربة أن التواجد الإيراني البديل أدى لتكريس الطائفية في العراق، ولإبعاد العراق تماما عن محيطه العربي، ليكون نواة الهلال الشيعي كما سماه العاهل الأردني الملك عبدالله. نذكر في هذا اليوم رباطة جأش صدام حسين لحظة إعدامه، فشجاعته لا خلاف عليها أيا كان موقفك منه، فقد رفض أن يرتدي كيسا أسود على رأسه، بل تشعر حين تشاهد فيديو إعدامه بأن من قادوه للإعدام، كانوا يهابونه وهو في قيده، حين نظر إليهم وقال «هي هاي الرجولة»، وقرأ الشهادة بثبات حتى فارقت روحه. إعدام صدام يحمل رمزية صعود المشروع الفارسي ضد المشروع العربي، فهي لحظة انكسار عربي بامتياز لا تختلف عن هزيمة 76، يبكي صدام اليوم العراقيون قبل سواهم؛ لأن من أتوا بعده استطاعوا أن يكونون الأسوأ دون مقارنة، هذا بالرغم من أن صدام له تاريخ من الديكتاتورية والمذابح في العراق، بل إنه كان داعما لأتعس القيادات العربية من علي عبدالله صالح إلى ميشيل عون. قصيدة أبي الطيب المتنبي المولود في الكوفة «عيد بأية حال عدت يا عيد»، لا نعود لنرددها إلا والعيد في 2016 أسوأ من العيد في 2006 حين أعدم صدام، بل إن السوء يمتد لمناطق عربية عدة، بل هل كان يجول بخاطر المتنبي حين كان في حلب، ليلقي القصائد بين يدي سيف الدولة الحمداني، أن تصبح مدينة يتكالب فيها الجميع على الدم العربي، وأطفالها صور صحفية يومية تخرج من تحت الأنقاض.
مشاركة :