صدم قرار الكونغرس الأميركي بإصدار تشريع تحت اسم «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب»، المجتمع الدولي والعربي على وجه الخصوص الذي يعتبر انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة، أو القواعد المستقرة في القانون الدولي. أعربت دولة الإمارات عن قلقها الشديد من إقرار الكونغرس الأميركي ما يعرف بقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب، واعتبر الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي أن هذا القانون يتعارض مع قواعد المسؤولية بوجه عام ومبدأ السيادة التي تتمتع بها الدول. وأضاف الشيخ عبد الله بن زايد أن هذا القانون لا يستوي مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول ويمثل خرقا صريحا لها بكل ما يحمله من انعكاسات سلبية وسوابق خطيرة، موضحًا أن دولة الإمارات تتطلع إلى أن تعيد السلطات التشريعية الأميركية النظر في القانون، وعدم إقراره في ظل التبعات الخطيرة المرتبطة بتطبيق هذا القانون على المبادئ الدولية الراسخة والمرتبطة بمبدأ السيادة، التي تمثل ركنا أساسيا في العلاقات الدولية. وحذر الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان من الآثار السلبية للقانون على كل الدول بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، وما قد يحدثه من فوضى في إطار العلاقات الدولية، مؤكدا أن مثل هذه القوانين ستؤثر سلبا على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب. وأكد تطلع الإمارات إلى عدم إقرار السلطات الأميركية ما يعرف بقانون العدالة ضد الإرهاب، حرصا وصيانة لمنظومة العمل الدولي ومبادئه الراسخة. إلى ذلك، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن اندهاشه إزاء قيام الكونغرس الأميركي بإصدار تشريع تحت اسم «قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب». وقال أبو الغيط، في بيان صحافي، أمس: «إن القانون يتضمن أحكاما لا تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة أو مع القواعد المستقرة في القانون الدولي، ولا يستنِد إلى أي أساس في الأعراف الدولية أو القواعد المستقرة للعلاقات بين الدول ولا تقر، تحت أي ذريعة، فرض قانون داخلي لدولة على دول أخرى». وأكد المتحدث باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الوزير المفوض محمود عفيفي، الموقف الثابت والواضح للجامعة العربية من رفض وإدانة الإرهاب بكل أشكاله واحترام القانون الدولي والتمسك به، وأشار إلى أن أبو الغيط أعرب عن أمله في أن تتمكن الإدارة الأميركية من وقف هذا القانون المعيب، الذي سيكون من شأن تفعيله توتير العلاقات بما لذلك من تداعيات محتملة على الأوضاع الإقليمية البعيدة أصلا عن الاستقرار. وأعربت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن بالغ قلقها لإصدار الكونغرس الأميركي تشريعا باسم (قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب) الذي يخالف المبادئ الثابتة في القانون الدولي، خصوصا مبدأ المساواة في السيادة بين الدول الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة. وقال الأمين العام لمجلس التعاون، الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني، أن دول مجلس التعاون تعتبر هذا التشريع الأميركي متعارضا مع أسس ومبادئ العلاقات بين الدول، ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول، وهو مبدأ ثابت في القوانين والأعراف الدولية، والإخلال به سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين الدول، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى ما قد يحدثه هذا التشريع من أضرار اقتصادية عالمية. وعبر الأمين العام لمجلس التعاون عن تطلع دول المجلس إلى ألا تعتمد الولايات المتحدة الأميركية هذا التشريع الذي سوف يؤسس - في حال اعتماده والعمل به - لسابقة خطيرة في العلاقات الدولية، باعتبار أنه سيخل إخلالا جسيما بمبادئ دولية راسخة قائمة على أسس المساواة السيادية بين الدول، وسينعكس سلبا على التعاملات الدولية بما يحمل في طياته من بواعث للفوضى ولعدم الاستقرار في العلاقات الدولية وإعادة النظام الدولي إلى الوراء. إلى ذلك, قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أمس، إن الرئيس باراك أوباما سوف يستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قانون أقره مجلسا الشيوخ والنواب، يسمح لأسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بمقاضاة حكومة السعودية طلبا لتعويضات. وقال إيرنست للصحافيين إنه «ليس من الصعب تصور أن تستخدم دول أخرى هذا القانون ذريعة لجر دبلوماسيين أميركيين أو جنود أميركيين أو حتى شركات أميركية، إلى المحاكم في مختلف أنحاء العالم». وأضاف: «أتوقع أن ينقض الرئيس (باراك أوباما) هذا التشريع عندما يعرض عليه». وجاء هذا التصريح في معرض إجابة إيرنست عن أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض، خلال جلسة صحافية أمس.
مشاركة :