جزر سليمان، بين مغامرة مجنونة ورحلة فريدة من نوعها

  • 9/15/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

لعل إلقاء نظرة على سجل جزر سليمان في نهائيات كأس العالم لكرة الصالات FIFA يجعل المرء يشعر بشيء من الشفقة حيال هذا الفريق. كيف لا وهو الذي لم يتذوق طعم الفوز سوى مرة واحدة بينما تجرع مرارة الهزيمة في سبع مناسبات وتلقت شباكه 103 أهداف بالتمام والكمال خلال ثماني مباريات. ولكن من يعرف كتيبة كوروكورو عن كثب يُدرك أن الإحصاءات والأرقام ربما لا تزال حتى الآن عديمة الجدوى في رواية قصة فريق كهذا. ذلك أن نهائيات كولومبيا 2016 تُمثل ثالث ظهور فقط لجزر سليمان في كأس العالم، بعدما استهل أبناء المحيط الهادئ مشوارهم المونديالي في معقل كرة القدم الخماسية حين شاركوا في نسخة البرازيل 2008، حيث كان فريقهم يضم مجموعة من المراهقين الذين بدوا مذعورين أمام هول المنافسة الشرسة، بل وهناك من اعتبرهم غير مؤهلين لملاقاة نخبة نجوم اللعبة، حيث كان متوسط ​​أعمارهم آنذاك لا يتجاوز 18.5 سنة. والآن، تبقى خمسة لاعبين من ذلك الجيل، علماً أن أربعة منهم خاضوا جميع البطولات الثلاث. وقد جلس ثلاثة منهم أمام ميكروفون موقع FIFA.com لاستحضار مشوار بلادهم على مدى هذه السنوات الثماني الخالدة. بدأ حديثنا معهم في غرفة ملابس منتخب كوروكورو في كوليسيو بيسنتيناريو بمدينة بوكارامانجا، بعد سويعات فقط من إحراج بطل (كونكاكاف) كوستاريكا الذي لم يفز عليهم إلا بشق الأنفس (4-2). وقد بدا الفرق واضحاً وضوح الشمس بين ما يعيشونه الآن في كولومبيا وما عاشوه قبل ثمانية أعوام خلال زيارتهم الأخيرة لأمريكا الجنوبية. وقال سامويل أوسيفيلو في هذا الصدد: "كان الأمر لا يصدق في تلك المرة الأولى. كنا مراهقين في مقتبل العمر، عندما لعبنا في نهائيات 2008. على مدى 8 سنوات تعلمنا الكثير عن هذه اللعبة." ومن جهته، أقر المدافع جيمس إيجيتا بالقول "عندما كنا في البرازيل، لم نكن نعرف كيفية اللعب. كانت تلك المرة الأولى التي نشارك فيها. لقد كنا مثل أطفال ينازلون رجالاً بالغين. وهذه المرة نحن هنا من أجل المنافسة، ليس فقط لنكون فريسة سهلة. ولعل المباراة ضد كوستاريكا خير دليل على ما يمكننا القيام به." وبدوره، اعتبر القائد إليوت راجامو أن نهائيات "2008 كانت تجربة مذهلة." وأضاف: "لقد تم إيفادنا إلى هناك، وفجأة وجدنا أنفسنا في مواجهة أولئك الخصوم. عندما تستحضر ذلك تُدرك أنه كان ضرباً من الجنون. وإذا استعدنا شريط مباراة كوستاريكا وقارنا بين المستوى الذي نحن فيه الآن وما كنا عليه في السابق فإن الناس في جزر سليمان ربما لم يكونوا يعتقدون أننا كنا سنستطيع اللعب بهذا الشكل في يوم من الأيام." وبالفعل، عندما نلقي نظرة فاحصة ونجد أن ما يقرب من 70 في المائة من الأهداف التي دخلت شباك جزر سليمان - 31 منها خلال الهزيمة القياسية على يد روسيا - كانت في نهائيات البرازيل 2008، يتضح بجلاء أن لا معنى للإحصاءات في مشوار هذا "الفريق المجنون والفريد من نوعه". وأوضح راجامو في هذا الصدد، "كلما مرت السنين، كلما تغيرنا وأصبحنا أكثر نضجاً. لدينا هذه العقلية التنافسية: فنحن ندخل أرض الملعب برغبة في الفوز. في عام 2008 ذهبنا إلى هناك لمجرد المتعة واللعب." ويجمع الثلاثة على أن ملاقاة فالكاو تمثل ذروة تجربتهم في مشاركاتهم في كأس العالم على مر كل هذه الأعوام. وقد بدت علامات الحماسة واضحة على وجه إيجيتا وهو يتحدث عن تلك المباراة التي واجه فيها مثله الأعلى: "منذ أن وصلت هذه اللعبة إلى بلادنا حيث كنت في سن الثانية عشرة ونحن نشاهد فالكاو. بالنسبة لي شخصياً، كنت دائماً أتمنى أن أحصل على فرصة اللعب ضده. وقد تحول حلمي إلى حقيقة. بالنسبة لي كان اللعب ضد فالكاو اللحظة الأكثر متعة في مسيرتي، على الرغم من خسارتنا أمامهم بنتيجة 21-0!" ومن جهته، أضاف راجامو: "لقد كبرنا جميعاً ونحن نُشاهد أشرطة فيديو عنه على موقع يوتيوب، ولكن اللعب ضده كان إحساساً لا يصدق." والغريب في الأمر أن هؤلاء اللاعبين الثلاثة وزميلهم ميكا ليالافا باستطاعتهم، في حال مواصلة مشوارهم بعد إتمام عقدهم الثالث، أن يتجاوزوا الرقم القياسي الذي بلغه للتو مثلهم الأعلى بعدما رفع رصيده الشخصي إلى خمس مشاركات في كأس العالم. ومهما يكن فإنهم أصبحوا يُعدون من أبطال اللعبة في بلدهم، حيث يوضح سامويل في هذا الصدد: "عندما نحقق شيئاً ما على مستوى كرة القدم يتحول الحدث إلى عطلة وطنية في جميع أنحاء جزر سليمان. فأينما حللنا وارتحلنا نجد دائماً الناس ينتظروننا في المطار." وفي السياق ذاته، قال راجامو "الشيء الرئيسي بالنسبة لنا أننا نضع جزر سليمان على خريطة العالم" مضيفاً أن الخطوة التالية تتمثل في تحقيق النمو على المستوى الداخلي أيضاً، مشيراً بنبرة قاطعة: "نحن على الأرجح المنتخب الوحيد الذي لا يملك ملعباً لكرة الصالات، ومن الواجب أخذ ذلك في الاعتبار." ولكن إذا واصل منتخب كوروكورو هذا المسار التصاعدي، وحصل على فرصة الظهور من جديد على المسرح العالمي في البطولة القادمة عام 2020، فماذا سيعني بالضبط الانتقال إلى المستوى التالي بالنسبة لأبناء المحيط الهادئ؟ "بلوغ الدور الثاني؟ أو ربما ربع النهائي؟ ولم لا نصف النهائي؟" هكذا أجاب راجامو في ختام حديثه مهرولاً للالتحاق بزملائه في التدريب، قبل أن يودعنا وهو يردد: "سيكون هذا هو هدفنا الآن."

مشاركة :