(شيئاً من الاحترام) - عبدالله بن عبدالرحمن الزيد

  • 2/21/2014
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

أعرف، وأدرك سلفاً أن الدخول مع أحبتي الشبان في أي مناقشة أو جدل حول أي مسألة سيؤول بي دون شك إلى مايشبه الخسران المبين، وبخاصة عندما يكون الحوار في تلك الإشكاليات التي هم غارقون في ثناياها، أو منفعلون بوهجها، أو منفتلون بتفصيلاتها، أو منفلتون خلف سحرها وجاذبيتها. ولعل أقرب إشكالية من هذا النوع هي قضية (الهاتف الجوال) أو (المتجول) وما يتعلق بها من تقنية وبرامج وعوالم وتحديداً بعدما تحول الجوال من وسيلة للاتصال الهاتفي وحسب إلى جهاز (حاسوب) متكامل لا ينقصه أي مهمة من مهمات الحاسوب، واستحق -- بجدارة لا نظير لها وصف (الجهازالذكي)! وأنا هنا لا أعترض الاهتمام المعرفي والثقافي ولا الاستخدام الجميل لمباهج التقنية كافتها لدى أبنائي الشبان، وإنما اعتراضي وملاحظتي ونقدي وانتقادي يتحدد - بخاصة - إزاء مسألتين أو حالتين من حالات التماهي بتقنية الهاتف الجوال هما: أ- الإيغال والمبالغة والاستغراق، بحيث يتحول الأنس بجماليات التقنية إلى مرض وداء وفتنة فيبدو الإنسان وكأنه مستلب الوجود، أو كأنه خارج زمانه ومكانه ومحيطه . ب - سوء توقيت استخدام التقنية، وأعني-تحديداً- أثناء الزيارات العائلية والمناسبات وفي أماكن العبادة. بمنتهى المصارحة والصدق والمكاشفة، يتحول المشهد في المجالس وفي اللقاءات إلى نوع مخجل ومؤسف ومؤلم من المزادات والصراخ والضجيج الذي لا يستوعبه عاقل ولا يرضى عنه ولا يستسيغه، حيث تتمثل(قلة الأدب وانعدام الحياء) بشكل يبعث الأسى والندم! طبعاً.. وبشكل تلقائي، أستدرك وأبادر وأشير إلى أن ما سبق يشمل ويعني الفئات كلها والأعمار كافتها دون استثناء، غير أني أشير كذلك إلى أن الأعم الأغلب الذي يقع - وربما بإصرار- في هذه الإشكالية هم الأحبة الشبان، ولذلك أتوجه إليهم - وبالود كله- أن يعملوا مجتهدين ومحتسبين وصابرين على أن ينهوا هذه الخليقة وهذا المسلك، وعندي من أجل ذلك إحدى طريقتين: - إما أن يترك الجوال في السيارة مدة لا تعز على النسيان، وإما أن يقفل الهاتف مدة لا تعز على الصبر. وفي الحالين كليهما سوف يفوزون براحة البال، وبالتوفر على النفس والفكر والحضور، وبالحميمية والاحترام والتقدير المتبادل ولا يخلو الأمر من تجدد الخلايا وعافية العقل والشعور.

مشاركة :